تنبيه: قد يعبر عن هذه القاعدة بغير هذه العبارة؛ فيقال: من ذكر لفظا ظاهرًا في الدلالة على شيء ثم تأوله، لم يقبل تأويله في الظاهر.
وهذه عبارة شيخ الإسلام -عز الدين بن عبد السلام- رحمه الله تعالى وقال: إنه يستثنى منها صور يكون أقراره فيها مثبتا.
أصل: ذكره القاضي أبو عاصم "من باشر عقدا أو باشره عنه من له ذلك، ثم ادعى ما ينقضه، لم يقبل" كما باع عبدا من إنسان، ثم قال: لم يكن ملكي أو طلق امرأة ثلاثا بمشهد الحاكم، ثم أراد بتزوجها بولاية الحاكم فامتنع الحاكم، لإيقاعه الثلاث بين يديه فقال: المطلق، لم يكن الطلاق وقفا: لأنها لم تكن زوجتي؛ لأنه أراد إلغاء عقد وقع بإنشائه- وهو عند التطليق.
قلت: أما من باع عبدا ثم قال: لم يكن ملكي -فهي مسألة التي قدمناها فيمن باع شيئا، ثم قال: لم يكن ملكي عن الروياني، وهذه القاعدة نظير القاعدة المتقدمة عن الدبيلي، وقد أطلنا القول فيها؛ غير أن تلك فيمن أقر لفظا، وهذه فيمن أقر فعلا.
وقد قال القاضي أبو عاصم: إن هذه تطرد في جميع المسائل إلا في مسألتين:
إحداهما: رهن عبدا ثم ادعى أنه باعه قبل الرهن، أو أعتقه أو رقفه أو لم يكن مملوكا لي؛ بل كنت غصبته من زيد، ففيه قولان:
أحدهما: لا يقبل لمناقضته؛ فصار كما إذا باع عبدا ثم قال: كنت أعتقته أو وقفته.
والثاني: لا يقبل، لأن الإقرار لا في ملكه؛ بخلاف البيع قال: "وإذا أجر عبدا ثم ادعى فساد الإجارة بهذه المعاني؛ فهو أيضا- على القولين، وعلى أن القول قول المالك فهل عليه يمين؟ فيه قولان"....
قال: "والمسألة الثانية: باع القاضي على الغائب عبده في دينه، ثم حضر الغائب، وقال: كنت أعتقته قبل ذلك، ففي قبول قوله قولان.
أحدهما: لا؛ لأن العقد صدر من نائبه؛ فصار كما لو باع وكيله ثم قال: كنت أعتقته قبل البيع.
والثاني: يقبل، لأن نيابة الوكيل -عنه- اختيارية، ونيابة القاضي شرعية.
قاعدة: في مسائل التقديم والتأخير، وهل النظر إلى أول الكلام أو إلى آخره".
منها: إذا قال: أعتقت هذا العبد عن كفارتي بألف عليك، لم يجزئه ولا فرق بين أن يقدم في الجواب ذكر الكفارة، بأن يقول: أعتقت هذا العبد عن كفارتي بألف عليك