للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النكاح وفي باب الرجعة وجها أن أحد المتداعيين يدعي على الآخر، وقال ما معناه: لا يقال: إن هذا الوجه يقتضي دخولها تحت يده؛ إنما الدعوى لكونه حائلا بينه وبينها.

وهذا منه مبالغة في تأييد قول الرافعي: أن الحر لا يدخل تحت اليد وأقول: لا دليل على هذا، ولم يعلل ابن أبي هريرة، الذي عزا إليه الرافعي القول بأن منافعه تضمن بالفوات -بما ذكر الرافعي؛ بل بما يؤيد الغزالي وهذه عبارته في شرح مختصر المزني، قال: "وقد قال الشافعي [رضي الله عنه] ١ في كتاب السير: لو أكره الإمام مشركا على أن يخرج معه ... " أجرة مثله من يوم أكرهه على الخروج إلى يوم جاهد".

فمن أصحابنا من قال: "إن الحر تضمن منافعه -أيضا- بالمنع كما تضمن منافع العبد" ومنهم من قال -وهو الصحيح- "أن منافعه لا تضمن إلا بالتناول؛ فأما بالمنع منها فلا تضمن، وتأول المسألة على أنه إنما ضمن أجرة المثل من يوم أكرهه؛ لأنه اتصل يعمل تناوله منه -وهو الجهاد- ولو انفرد ذلك عن العمل لم يحكم له بشيء" انتهى.

وقد تضمن أن ابن أبي هريرة صحح ما صححه الرافعي، فليحمل قول الرافعي، وحكي عن ابن أبي هريرة٢ أنه يحكي عنه حكاية الوجه لا القول به.

غير أن الذي رأيته -في البحر للروياني، وفي الشامل لابن الصباغ أن ابن أبي هريرة يختار أنها تضمن -كما هو ظاهر نقل الرافعي، ولعل هؤلاء اطلعوا على نقل ابن أبي هريرة؛ غير الذي في تعليقه، وعلل -في- البحر التضمين بمثل ما علل ابن أبي هريرة؛ فقال: منافعه تضمن بالإجارة؛ فتضمن بالغصب كمنفعة العبد".

ولم أجد من اعتل بعلة الرافعي -وهي: أن منافعه تضمن بالعقد الفاسد إلا صاحب التتمة؛ فقد علل بذلك، وذكر نص الشافعي في السير، وأنه يدل لهذا الوجه، ولعل الرافعي -من صاحب التتمة- أخذ هذه العلة؛ فإنها ليست في كلام الإمام، وباقي كلام الرافعي في كلام الإمام، وإذا وقفت على ما علل به ابن أبي هريرة، من تشبيهه بالعبد، ومعه صاحب البحر، ولعله أيضا في حاوي الماوردي؛ فإن صاحب البحر كثيرا ما يتبعه -علمت أن ما أشار إليه الغزالي -من دخول الحر تحت اليد على هذا الوجه-


١ سقط في "ب".
٢ سقط في "ب".