للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيح، وهذا موضع غرضنا من كلام ابن أبي هريرة رحمه الله.

فنقول: أن فيه تأييدا للغزالي، وقول الرافعي: "إن الغزالي جعل دخوله تحت اليد مختلفا فيه" عليه فيه مناقشة من قبل أن الغزالي لم يجعل ذلك؛ وإنما قال: "وهو تردد في ثبوت يد غيره عليه" وهذا منه بحث لا نقل، وقد أيدناه بالمنقول، وقوله: "كأنهم بنوا الأمر على الحاجة والمصلحة" قلنا هذه العلة غير كافية في الحكم؛ فليس من الحاجات أن مستأجر الحر يؤجره، ولا تقرر أجرته، ورب مستأجر لا يؤجر؛ فالأرجح عندي -والعلم عند الله- أن الحر يدخل تحت اليد، ولذلك نقول فيمن حبس رجلا ومنعه الطعام والشراب حتى مات أنه قاتله.

فإن قلت: فيلزمكم إيجاب أجرته عليه مدة الحبس.

قلت: قد قيل بذلك، وعلى هذا يسقط السؤال، وعلى القول بعدم الوجوب -وهو الأرجح- فسببه أن فوات المنفعة وقع هنا تابعا، ومن ثم أجد نفسي تميل إلى ترجيح دعوى أحد المتداعيين نكاح امرأة على صاحبه، كما يدعي عليها، وإن١ لم أجسر على ترجيحه.

ومما يدل على دخول الحر تحت اليد هذا النص الذي حكاه ابن أبي هريرة وصاحب التتمة، وبمقتضاه جزم الأصحاب في كتاب السير؛ إذ صرحوا بأن الإمام إذا أكره أهل الذمة وأخرجهم قهرا، وحملهم على الجهاد، وجبت لهم أجرة المثل؛ فكيف يخرج [عنه ولا] ٢ موجب.

وقوله: "أنه أول على أنه اتصل بالعمل" يقال عليه: أليس قد ضمنه الأيام التي قبل العمل فيلزم أن من حبس حرا شهرا، واستعمله في اليوم الآخر منه، تجب عليه أجرة الشهر، وما أظن القائلين بأن منفعته لا تضمن بالفوات يقولون ذلك، وإن قالوا به كان حجة لنا عليهم في دخوله تحت اليد، وصاحب التتمة لم يقدم على تأويل النص بشيء.

فائدة: كلام ابن أبي هريرة الذي حكيته [لك] ٣ سمى فيه ما يسميه الرافعي بالفوات منها وما يسميه بالتفويت تناولا، وهو -لعمري- حسن؛ فإن الفوات -نفسه- لا يضمن [إلا] ٤ أنا نقدر أن الغاصب منعه، [وكذلك] ٥ التفويت يقدر أن يتناول تلك


١ سقط في "ب".
٢ في "ب" عنهم بلا.
٣ سقط في "ب".
٤ في "ب" إلا لأنا.
٥ في "ب" وذلك.