للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنفعة فالتعبير بهذا أحسن مما عبر به الغزالي والرافعي من الفوات، والتفويت، وبعض أصحابنا -أظنه الماوردي- عبر بالتفويت عما يعنيه الغزالي والرافعي بالفوات، وعبر بالاستهلاك عما يعنيانه بالتفويت، هو أيضا حسن؛ ولكن تعبير ابن أبي هريرة أحسن.

فائدة أخرى: اليد تستعمل لمعان: أحدها: الجارحة كما١ في قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ} ٢ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} ٣، {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ٤، وهذا المعنى هو الذي يستعمله الفقهاء في باب الوضوء، وباب صفة الصلاة عند ذكر رفع اليدين ووضعهما ونحو ذلك، وباب السرقة، وثانيها: القوة والقدرة، نحو: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ٥، {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ٦، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} ٧، {أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ٨، {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} ٩ وهذا المعنى هو المراد من قولهم: "القبض فيما يتناول باليد التناول" وهو المراد بقولهم: "يد العبد يد سيده" وبنوا عليه أن المرتهن لا يستنيبه في قبض الرهن، وهو المراد بدخول المضمونات تحت اليد، ولا يخفى أنه يمكن في الحر؛ فمن صار حرا تحت قبضته وقهره لم لا يقال: إنه تحت يده، أما قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ١٠.

فجاز "أن يراد الأول، حتى لا يعطى إلا بجارحته صغارا له.

ومن ثم قال بعض أصحابنا: "إن الذمي لا يوكل في إقباض الجزية" وجاز أن يراد الثاني، وحسن أن يرادا جميعا- ويحمل اللفظ على حقيقته ومجازه.

وثالثها: ابتداء النعمة: نحو "بل يداه مبسوطتان١١، وكقولنا لفلان عند فلان يده".

ورابعها: جملة الإنسان، كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} ١٢، {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} ١٣، {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} ١٤.


١ في "ب" مما.
٢ الأعراف ١٩٥.
٣ المائدة "٧".
٤ المائدة "٣٨".
٥ يس "٧١".
٦ الملك "١".
٧ سورة ص "٧٥".
٨ البقرة "٢٣٧".
٩ البقرة "٢٣٧".
١٠ التوبة "٢٩".
١١ المائدة "٦٤".
١٢ التوبة "١٠".
١٣ الشورى "٣٠".
١٤ البقرة "٩٥".