للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النووي على ذلك إلا قول الرافعي: "إنه لم يورد جماعة من الأصحاب غيره"، عزوا تصحيحه إلى صاحب التهذيب.

في هذه المسألة نتبيهات:

أحدها: أن الغزالي جعل -في الوسيط- محل الوجهين في أنه هل تسمع الدعوى على واحد منهم -من أحد العشر مثلًا؟

وجعل الإمام رحمه الله محلها في التحليف؛ إذ قال: "ولو أشار إلى جمع محصورين، وقال: أعلم أن قاتل أبي فيكم وأحلفكم واحدًا [واحد] ١، هل له ذلك؟ على وجهين مشهورين.

أحدهما: ليس له ذلك؛ فإن اليمين [مرتب] ٢ على الدعوى، وإذا لم تتعلق الدعوى -الجارية- بالتحليف، لم ينتظم تحليفه.

والثاني: يحلفهم؛ لأنه يتطرق به إلى إظهار غرضه. قال ابن الرفعة.

وهذا الإيراد قد يفهم أن الدعوى لا تسمع جزمًا؛ وإنما الخلاف في طلب اليمين؛ وذلك أمر لا يعقل؛ فلذلك نصب الغزالي الخلاف في الدعوى.

قلت: وإيراد الرافعي ومن بعده -إلى منهاج النووي- جار على قضية ما أورده الإمام؛ فليتأمل.

وهذه عبارة المنهاج: فلو قال: قتله أحدهم لم يحلفهم القاضي في الأصح، وقول ابن الرفعة: إن اليمين من غير دعوى لا يعقل، يعني في الخصومات؛ وإلا فالشافعي يحلف رب المال إذا اتهمه في الزكاة، ومسائل كثيرة يقع التحليف فيها من غير دعوى؛ ولكن ابن الرفعة إنما أراد التحليف في الخصومة عند الحكام، ولا يرد عليه ما قدمناه فيما إذا قال: "القاتل أحدهم"، ولا أعرفه حيث ذكرنا أن له التحليف؛ فإن ذلك التحليف ليس إلا بعد الدعوى.

نعم لو كان الرافعي صحح أن الدعوى غير مسموعة، ثم قال: إن له التحليف لأورد على ابن الرفعة لو أشكل على الرافعي، والحق أنه لا يورد [اليمين] ٣، وأن اليمين من غير دعوى في الخصومة غير معقولة -كما ذكر ابن الرفعة.

لكن ذلك أن تقول: سلمنا أن التحليف من غير دعوى غير معقول؛ لكن الدعوى من غير تحليف معقولة، كالدعوى على قيم اليتيم، وسائر المسائل التي يقبل قول المرء


١ في "ب" واحدًا فواحدًا.
٢ في "ب" تترتب.
٣ سقط في "ب".