للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غير يمين؛ فإن يدعي عليه، ثم لا تؤول تلك الدعوى إلى يمين، فما مستند الغزالي في وضعه الوجهين في سماع الدعوى.

الثاني: قال الغزالي -في الوسيط- لكنهم لو نكلوا جميعًا أشكل اليمين المردودة على الدعوى المبهمة. انتهى.

ولم يذكره الرافعي في "الشرح" ولم يبين ابن الرفعة في "المطلب" حال هذا الكلام، وكان ذلك لوضوحه عنده.

وحاصله: أن النكول يقتضي اليمين المردودة، ولا سبيل إليها هنا؛ لأنه لم يعرف عين القاتل ليحلف أنه هو؛ فأورد الغزالي هذا الإشكال على ما يصحح سماع الدعوى المبهمة -ولعله- من أجله- لم يفصح في "الوسيط" بتصحيحها، وإن كان في "الوجيز" صححها.

وأنا أقول: هذا الإشكال مندفع.

أما إن قلنا: بأن النكول في القسامة لا يقتضي رد اليمين -وهو وجه مفرغ على القول باقتضاء القسامة في القصاص [فواضح] ١؛ إذ ليس كل نكول -والحالة هذه- مقتضيًا لرد اليمين.

وإما إن قلنا بالرد -وهو الصحيح- فأقول: لا رد هنا ولا إشكال؛ فرب ناكل لا ترتد اليمين -بعد نكوله- على المدعي؛ ألا ترى أن ولي الصبي إذا ادعى له بشيء، وطلب يمين المدعي به ونكل؛ فإن الولي لا يحلف.

فإن قلت: لأنا ننتظر بلوغ الصبي فنحلفه، ولا كذلك فيما نحن فيه.

قلت: بل ننتظر أيضًا أنه يعين القاتل ثم يحلف، ونقول له: عين من اتهمت واحلف.

فإن قلت: لو عينه [كان] ٢ مجددًا دعوى غير تلك الدعوى، والتحليف -حينئذ- فيها لا في تلك.

قلت: بل يحلف في تلك الدعوى بعينهما، ولا يكلف دعوى مجددة؛ لأن التعيين لا ينافي الإبهام، كما أن الإطلاق لا ينافي التفصيل.

والصحيح المنصوص أنه إذا أطلق الدعوى يستفصله القاضي ولا يعرض عنه بل


١ في "ب" واضح.
٢ في "ب" لكان.