للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: طار طائر. فقال: إن لم أصد هذا الطائر اليوم فأنت طالق ثم اصطاد ذلك اليوم طائرا، وجهل هل هو ذلك أو غيره، ففي وقوع الطلاق تردد حكاه الرافعي في فروع الطلاق لتعارض أصلين: بقاء النكاح، وعدم اصيطاده.

ومنها: إذا ضربها الزوج وادعى نشوزها. وادعت هي أن الضرب ظلم.

قال ابن الرفعة: لم أر فيها نقلا والذي يقوى في ظني أن القول قوله؛ لأن الشارع جعله وليا في ذلك.

قلت: تعارض هنا أصلان: عدم ظلمه وعدم نشوزها.

فصل:

وإنما قيدنا جريان القولين بالغلبة في قولنا: إذا تعارض أصلان جرى غالبا قولان؛ لأنه قد يكون الخلاف وجهين، وقد يعتضد أحد الأصلين بظاهر أو أصل آخر يرجحه ويدرأ عنه الخلاف.

وزعم بعضهم أن الخلاف إنما يأتي عند تجرد الأصلين عن مرجح لأحدهما على الآخر، أما إذا ترجح أحدهما جزم به.

وهذا غير مطرد، بل قد يجزم به وقد لا يجزم به، وسنيبين ذلك القول في أصلين يعتضد أحدهما بظاهر ثم يجري الخلاف مع ذلك وذلك في مسائل:

منها: إذا قذف مجهولا وقال: هو عبد. وقال المقذوف: أنا حر فقولان في قبول قول القاذف. وقد تعارض أصل الحرية المعتضد بظاهر الدار مع أصل براءة الذمة.

ومنها: إذا قطع طرفه ثم ادعى نقصه بشلل أو غيره فالمذهب تصديق المجني عليه في العضو الباطن دون الظاهر عند إمكان أصل السلامة.

ووجه الفرق اعتضاد أحد الأصلين المتعارضين -وهما: السلامة، وبراءة الذمة- بظاهر يرجحه.

وفي قول يصدق المجني عليه، قيل: مطلقا، وقيل: إن ادعى السلامة من الأصل، لا إن ادعى زوال النقص بعد وجوده.

وقيل يصدق الجاني مطلقا.