للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشبه ذلك جماعات -من متقدميهم القاضي الحسين ومن متأخريهم الرافعي- بما لو قامت بينة على الحق وبينة على الإبراء تقدم بينة الإبراء.

واستثنى القاضي الروياني -في البحر- من تقديم الجرح مسألة زعم أنه لا يستثنى سواها [وهي] ١ إذا جرحه اثنان في بلد، ثم انتقل إلى بلد آخر وزكاة اثنان، أو جرحه اثنان في سنة، ثم زكاه آخر في سنة فيقدم التعديل لزيادة العلم.

وهذه الصورة إن ضممتها إلى المسألة السابقة وجريت على ظواهر الفقه دون دقائقه بادرت إلى القول بأن الجرح مقدم إلا في مسألتين.

ثم لمانع أن يمنع كون الانتقال إلى بلد آخر يزيد علما؛ بل إن حصلت زيادة فهي بالمدة التي تخللت بين بلدي الجرح والتعديل فيحتمل صلاح حاله بعدها.

ولم يكن غرضنا من ذكر هذه [الصور] ٢ إلا تعريفك أن المأخذ هو الذي عليه المعول، وكذلك اعتقاد الروياني، ولا بد أن يكون له قدوة في هذه المسألة أن مع التعديل في هذه المسألة زيادة علم قدم التعديل؛ فدل على أن الحكم دائر مع زيادة العلم.

وعند هذا نسمح بذكر ما اقتضاه النظر من تدقيق الفقه؛ فإن هذه المسألة مهمة كثيرة الوقوع -أعني تعارض الجرح والتعديل.

فأقول: فهما عن الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم واعتقاد أنه الصواب، وأسأل الله أن يحميني من الغلط فيه والوهم عليهم: لا يقدم إلا ما فيه زيادة علم فكل ما تضمن زيادة علم قدم -سواء الجرح والتعديل غير أنه لما كان الغالب على الجرح أنه ناقل وعلى التعديل أنه استصحاب أطلق القول بتقديم الجرح لذلك، ثم لم يطلق إطلاقا بل أشير فيه إلى العلة التي يدور معهما الحكم كما عرفت.

وصح باستثناء الصورتين اللتين نقلناهما. وليس الأمر مقصورا عليهما، ولا قول المعدل: "عرفت السبب الذي ذكره الجارح؛ لكنه تاب منه" بشرط؛ بل يكفي المعدل أن يخصم قول الجارح بعد اطلاعه عليه بأن يقول: هو عدل ولا يقدح فيه قول هذا الجارح، ويقبل هذا منه ويندفع به الجرح إذا كان ممن يعلم أن الجرح -عند الإطلاق- يقدم على التعديل ويحمل على واحد من أمور التوبة بما جرح به أو عداوة الجارح له


١ في "ب" قال وهي.
٢ سقط في "ب".