بدرهم في ذمة بقال من عرض الخلق بمنزلتهما إذا شهدا على كبير من العلماء معروف بالرد على هاتين الطائفتين مثلًا ... أنه شرب أو قذف١؛ إذ لا يستريب مجرب في أن هذه الشهادة -منهما- مردودة.
فإن كانت الشهادة -في مثل هذا- لم تقبل جزمًا، وليس هذا من تحري العدالة؛ بل هو رد لشهادة تحصل بمثلها الريبة.
ومن المهم أن أكثر المبتدعة لا يفحصون ببدعتهم ولا يتظاهرون، ولو واجههم الإنسان أكذبوه وعاداهم، ولكن الحاكم البصير لا يخفي عليه أهل العقائد فإن سيماهم في وجوههم.
فلا تحسب أني -إذا رددت شهادة المخالف في العقيدة على مخالفة بما يشبنه- أتوقف على أن يثبت عندي عقيدة الشاهد فهذا عسر جدًّا؛ بل اكتفى بغلبة الظن التي أجدها من نفسي، ثم الله يطلع على ضميري إذ ذاك، وهو المسؤول في التوفيق والهداية.
ومتى شهد -مثلًا حنبلي المذهب على شافعي معروف بنصرة مذهب الأشعري بأمر يشتبه في دينه، وأخذ الحاكم يتعلل ويقول من أي لي اختلافهما في العقيدة، وبتقديره من أين لي أنه تحمل عليه في الشهادة، وبتقديره فكيف -إذا رددته- أقبله في مكان آخر"؛ فهو أخر بعيد عن شريعة الإسلام لا يصلح أن يكون حاكمًا بين اثنين -بمجرد كونه حنبليًّا يغلب على الظن مخالفته لعقيدة الأشاعرة- لكثرة ذلك في الحنابلة. ومجرد ذلك -مع ما يعهد من بعضهم- يغلب على الظن تحمله.
ولا يلزم -من ردنا قوله من ظننا تحمله عليه- أنا نخرجه بالكلية ونرده مطلقًا؛ بل ندفعه حيث نتهمه كما ندفع الشاهد بالتهمة.
قاعدة في تحقيق العدالة:
اعلم أن بين التقوى والعدالة عمومًا وخصوصًا.
والتقوى: أن يطاع الله ولا يعصى.
وحقيقتها: التحرز بطاعة الله من عقوبته.
وأصلها: اتقاء الشرك ثم اتقاء المعاصي ثم اتقاء الشبهات ثم اتقاء الفضلات.