قلت: الشرعية تحاكي العقلية أبدًا لا يفترقان إلا في أن تلك موجبة بنفسها، وهذه ليست موجبة- فإن قلت: فما معنى قولكم العلة الموجبة إذا كان الإيجاب للعلل على أصولكم.
قلت: قال إمام الحرمين في الشامل ما نصه: ليس المراد بقولنا العلة توجب المعلول، أنها تثبته كما تقتضي القدرة حدوث المقدور؛ ولكنا أردنا بالإيجاب تلازم العلة والمعلول، واستحالة ثبوت أحدهما دون الثاني. انتهى.
وهذا في الحقيقة هو الفرق الأول الذي أشرنا إليه بين العلة والسبب؛ فإن المسبب لا يلزم السبب لجواز تخلفه لمانع أو فقد شرط، والعلة سالمة من ذلك، فالملازمة فيها موجودة أبدًا.
وأما الفرق الثاني:
فقد ذكره الإمام في الشامل أيضصا قبل ذلك، وحكى عن المعتزلة أنهم قالوا [جميعهم] ١ "يجوز وجود السبب وانتفاء المسبب إذا تحقق مانع من وجود السبب".
وأنهم قالوا: الحكم تحب مقارنته للعلة، ولا يجب مقارنة السبب للمسبب؛ بل يجب استنجازه عنه. انتهى.
وهو المعنى بقولنا:"إن السبب لا يفضي إلى الحكم إلا بواسطة"
إذا عرفت هذا فقول النافذ طلاقه:"أنت طالق"؛ فإنه يستعقب ووقع الطلاق من غير توقف على شرط. وقوله:"إن دخلت الدار فأنت طالق" سبب؛ فإنه لا يفضي إلى الحكم إلا بواسطة دخول الدار.
وترى السبب منصوبًا، والمسبب مفقودًا، ولا كذلك العلة.