للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأضعفها مذهب مالك رحمه الله، فإنه فرق بين التعميم والتخصيص، ولا وجه له فيما يتبين لي.

وأضعف من مذهب مالك مذهب ابن حزم١؛ فإنه وافق أبا حنيفة على أن الشرط يمنع انعقاد السبب، ثم زاد فقال: "يمنعه مطلقًا"، ومن قال: "لا يقع الطلاق المعلق رأسًا" وعليه أبو عبد الرحمن الشافعي المعتزلي٢ ولعلهما خرقًا إجماع الأمة.

وقد حاول الشيخ الإمام القضاء عليهما بذلك في كتابه التحقيق، وذكر أن هذا الذي عليه ابن حزم ليس هو مذهب إمامه داود، وذكر أن مذهب شريح فيمن قال: "أنت طالق إن دخلت الدار" أنه يلزمه الطلاق دخلت أم لم تدخل.

قلت: وتلخص من هذا أن الشرط الداخل على السبب قاطع له عند ابن حزم وأبي عبد الرحمن أحدهما يصير الكلام لغوًا، ويقابله قول شريح: "إنه يفسد في نفسه ولا يعترض السبب فيعمل عمله".

ولكن شريح يقصر على ما إذا بدأ بالسبب قبل الشرط، ولا بقوله فيما إذا عكس فقال: "إن دخلت فأنت طالق".

وفقهاء الفرق لا يلغون الشرط. ثم اختلفوا، فأشدهم إعمالًا [له] ٣ الشافعي رضي الله عنه، حيث قال: "إنه منتصب سببًا في الحال".

وأبو حنيفة يقول: "سيصير سببًا في ثاني الحال، وأما في الحال فلا هو سبب ولا هو منهي".


١ الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الفارسي الأصل ثم الأندلسي القرطبي اليزيدي ولد الإمام أبو محمد في آخر يوم في رمضان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة بقرطبة.
قال الذهبي: كان ينهض بعلوم جمة ويجيد النقل ويحسن النظم والنثر وفيه دين وخير ومقاصده جميلة ومصنفاته مفيدة.
سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٩٤، البداية والنهاية ١٢/ ٩٨، دائرة المعارف الإسلامية ١/ ٢٥٤، وفيات الأعيان ٣/ ٣٢٥.
٢ أبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى بن عبد العزيز البغدادي.
حدث عن الشافعي والوليد بن مسلم الثقفي، ابن السبكي ٢/ ٦٤.
٣ سقط في "ب".