للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيًا: قد أتيناك بصورة ألحقنا فيها من جنس واحد، وقد قال الأصحاب: تقطع يده اليمنى للسرقة. وربما قالوا: للمحاربة.

وهذا برهان واضح لدرء العلتين وتبين أثره في قطع الرجل مع اليد فاختلفوا فيه على وجهين.

أحدهما: يؤخر إلى أن تندمل اليد، لأنها مقطوعة للسرقة والرجل للمحاربة، ولا موالاة بين حدين، قال إمام الحرمين: وكان لا يستحق في الحد إلا الرجل.

وأصحهما -وهو المنصوص- يقطع ولا مبالاة بالموالاة كما لو لم يوجد إلا المحاربة، قال الرافعي: والقطعان قد نجعلهما عن المحاربة إدارجًا لقطع السرقة في قطع المحاربة.

وقد نقول: هذا عن السرقة، وهذا عن المحاربة، لكن العضوين مقطوعان كما لو لم يوجد إلا المحاربة، فزيادة الجناية لا تمنع من الموالاة. انتهى.

فانظر كيف كان كلامه بين احتمالات ليس منها إعمال العلتين، ولم أجد لأحد من أصحابنا تشبثًا بإعمال العلتين غير صاحب التنبيه؛ فإن عبارته: "قطعت يده اليمنى للسرقة والمحاربة" وهي محمولة على ما ذكره في المهذب حيث قال: وهل تجوز الموالاة؟ فيه وجهان.

أحدهما: الجواز، لأن قطع الرجل مع قطع اليد حد واحد فجاز الموالاة بينهما.

الثاني: لا يجوز قطع الرجل حتى تندمل اليد فإن قطع الرجل لقطع الطريق وقطع اليد للسرقة وهما سببان مختلفان؛ فلا توالي بين حديهما.

فانظر كلامه رحمه الله ما أحسنه قد بين فيه أنه لم تعمل العلتان، وتحصلنا منه على اختلاف بين أصحابنا في أن اليد تقطع للسرقة أو المحاربة وعليه ينبني قطع الرجل معها- قبل الاندمال، فمن قال: تقطع للمحاربة لم يرتب في قطع الرجل معها.

وأما من قال: "تقطع للسرقة" فيحتمل أن تؤخر لئلا يقع توالي بين حدين، ويحتمل أن يقال: لا تؤخر؛ لأنه لو لم يقطع للسرقة لقطع للمحاربة وقطعت الرجل، وزيادة الجناية لا تمنع الموالاة.

ومنها: إذا اشترط المتبايعان الخيار ثلاثًا فقد يتخيل -ما لم يفترقا- اجتماع خيار المجلس وخيار الشرط وفي المسألة وجهان.