للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقول: من له دين من الحائزين في ذمة موروثه قد يتخيل ازدحام ملكه لما ورثه الميت بسببين الإرث والدين -والحق أنه إنما يرثه بالإرث لا بالدين؛ لأنه جهة الإرث أقوى، ولا تتوقف على شيء، وجهة الدين تتوقف على إقباض وتعويض، وهما متعذران لأن التركة ملكه. وهنا واقعة: وهي أنه يسقط من دين الوارث أبدًا ما يلزمه أداؤه من ذلك الدين ولو كان لأجنبي وهو نسبة إرثه من الدين إن لم تزد على التركة، وما يلزم الورثة أداؤه منه [إذا] ١ زاد ويستقر له نظيره من الميراث، ويقدر أنه أخذه ثم أعيد إليه عن الدين، ويرجع على بقية الورثة ببقية ما يجب أداؤه منه على قدر حصصهم، وقد يفضي الأمر إلى [التفاضل] ٢ إذا كان الدين لوارثين؛ فإذا كان الوارث حائزًا ولا يدين لغيره ودينه مساو للتركة أو أقل سقط، وإن زاد سقط مقداره وبقي الزائد.

هكذا حققه الشيخ الإمام -رحمه الله- في تصينف له في الواقعة سماه "منية الباحث عن دين الوارث".

قال: ويأخذ التركة في الأحوال إرثًا [وقيل] ٣ يقدر أنه أخذها دينًا، لأن الدين مقدم، ويسقط لدخول التركة في ملكه، فإن الدين لا يمنع الإرث -ويستحيل ثبوت الشخص على نفسه، فأحوجنا ملكه لها- ومن جملتها الدين، لأنه يرث الدين كما يرث العين، إلى تقدير الانتقال، وهو تقدير محض لا حقيقة له.

هكذا قرره الشيخ الإمام وغلط فيه فقفهاء زمانه قاطبة واستشهد عليه بقول ابن الحداد وغيره.

تنبيه:

فيما يظن فيه ازدحام علتين أعمل أضعفهما.

قال الأصحاب: من ختن الصبي -من ولي أو أجنبي- في سن لا يحتمله لزمه القصاص إلا الأب والجد، قال الرافعي: للبعضية، ولك أن تقول: لو كان انتفاء القصاص هنا للبعضية للزمك استثناء الحر يختن العبد للحرية والمسلم يختن الكافر، وإن كان الكافر لا يطلب ختانه -للإسلام فكان ينبغي إما أن يستنثي الثلاث أو يترك ذكرها اكتفاء بما علم- في أوائل الجراح- من انتفاء القصاص عند هذه الأمور.

فإن قلت: فما العلة الموجبة لتخصيص ذكر الأب والجد؟


١ في ب إن.
٢ في بب التقاص.
٣ سقط في ب.