للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: قوة الولاية أو مطلق الولاية على ما سنحرره.

فإن قلت: لم عدلتم عن التعليل بالبعضية؟

قلت: لوجهين -أصولي وفقهي.

أما الأصولي: فلأن الأبوة مانع من [ثبوت] ١ القصاص ولا ينبغي أن يعلل بالمانع ما أمكن التعليل بالمقتضى فإن قلت: لم قلت: أن الأبوة مانع من ثبوت القصاص. وهلا قلت أنها مقتضى لعدمه.

قلت لوجهين. تحقيقي وجدلي.

أما التحقيقي: فلأن الأبوة لو كانت مقتضيًا عدم القصاص لعارضها القتل المحض العمد العدوان المقتضى للقصاص ولتكافأ، أو احتيج انتفاء القصاص، إلى مرجح -وهذا بخلاف ما إذا جعلته مانعًا، فإن لا تحتاج إلى مرجح من خارج.

فافهم هذا السر، فهو دقيق يظهر [لك] ٢ به جعل الأصوليين الأبوة مانعًا للثبوت لا مقتضيًا للانتفاء، وربما زلت أقدم أقوام في هذا المقام لذهولهم عن هذا السر، وحاولوا جعل الابن مكافئ، ليتوصلوا إلى انتفاء القصاص.

والتحقيق وبه صرح الغزالي -أن الأب مكافئ للولد- لأنه مكافئ لأخيه الذي هو عم الولد. وكافئ المكافئ مكافئ. فلا احتياج إلى دعوى عدم المكافأة؛ فإنه لم يتعارض هنا علتان، وليس إلا علة قام معها مامع من أن تعمل عمله.

ومن فوائد ذلك أن لا نحتاج في إثبات الضمان على الوالد إلى دليل يتجدد؛ بل نقول: وجوب الدية ثابت ثبوت القصاص، فإن منع مانع من ثبوت القصاص لم يمنع من ثبوت الدية، وتكون مستفادة، من المقتضى للقصاص الذي لم يعارضه فيها مانع.

وهذا بخلاف ما إذا جعلنا الأبوة علة لانتفاء القصاص، فإنها لا تدل على ثبوت الدية، ولا على نفيها، ولا يمكن أخذ ثبوتها حينئذ من علة ثبوت القصاص، لأنه قد عارضها معارض أبطل عملها.

لا يقال: إنما أبطل عملها في القصاص، لأنا نقول: إن قلنا: الدية متأصلة فيحتاج إلى دليل يخصها. وإن قلنا بدل عن القصاص، فالقصاص ها هنا لم يجب


١ سقط في "ب".
٢ في "ب" ولكن.