للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت الحنفية: فيما نقل عنهم بعض الخلافيين، لا يصح إضافة الطلاق إلى جزء المرأة لأنا لمعقود عليه إنسانيتها، والخلاف جار في العتق.

ومنها: أن مستحق القصاص في النفس إذا قطع اليد وعفا عن النفس، لم يلزمه أرش اليد سواء أوقف القطع أم سرى؛ لأنه استحق جملة البدن فصارت الأطراف مهدرة بالنسبة إليه.

ولا يقال على هذا فامنحوا له قطع أطرافه لأن القصاص لما كان مقابلة لم يجز له أن يفعل إلا ما فعل به، أو أن يزهق الروح بطريق سهل، وليس له التعذيب من غير سبب.

وقال أبو حنيفة: "مورد استحقاق القصاص الروح لا الهيكل المخصوص"؛ غير أنه يقع في بعض البدن توصلًا إلى إزهاقها؛ إذ لا يمكن إزهاقها إلا كذلك، فإن وقف هذا الجرح ضمن، لأنه لما عفا كان ظالمًا بقطع اليد، وإن سرى -لأنه تبين أن العفو وقع بعد الاستيفاء- فلا أثر له.

ومنها إذا قال: إن رأيت زيدًا فأنت طالق، فرأته حيًا أو ميتًا طلقت لأن موته لم يخرجه عن كونه زيدًا لأنه هذا الهيكل.

ومنها: لو قال روحك طالق، طلقت على المذهب، وحكى أبو الفرج الزاز، فيه خلافًا مبنيًا على أن الروح جسم أو عرض.

ومنها: إذا وجد بعض الميت صلى عليه، وهل ينوي الصلاة على جملة الميت أو على ما وجد منه؟ فيه وجهان حكاهما الماوردي والأول هو المجزوم به في الروضة، والثاني: قضية كلام أبي الطيب وجوز الجيلي -شارح التنبيه- بناء الخلاف على أصل آخر حكى فيه [خلافًا] ١ بين المتكلمين، وهو أن العضو البائن هل يحشر معه ويدخل الجنة إن كان من أهلها.

تنبيه: قد يقول قائل: كلام أصحابنا في الفقه يدل على ما ذهب إليه الغزالي والحنفية من أن الإنسان المعنى القائم بهذا البدن، ولا مدخل للبدن في مسماه؛ لأنهم ذكروا أن نقصان اليد ونحوها نقصان وصف لا جزء كما ذكروه في حكم البيع قبل


١ في "ب" حكى هو فيه اختلافًا.