منها: قال علماؤنا -بناء على أصل أئمتهم: الحل في النكاح يتناول هذا الهيكل بأجزائه المتصلة اتصال خلقه، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:{فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} أضاف النكاح إلى ذواتهن والمعنى بالذات جميع الأعضاء الموجودة لدى العقد.
فإن قلت: قدمتم أن الحل والحرمة ليسا من صفات الأعيان.
قلت: المعنى ذلك أن المحل ليس صفة قائمة بها؛ وإنما المراد به الانتفاع، والمعنى هنا أن الانتفاع مضاف إلى البدن لا إلى مقومه.
وقالت الحنفية على أصولهم: مورد الحل في النكاح، إنسانية المرأة دون الأجزاء والأعضاء واحتجوا بأن الأجزاء الموجودة عند العقد تتحلل وتتجدد، قالوا: ومن البعيد أن يقال: ورد النكاح على شعورها، ثم كل شعره نبتت بعد النكاح يتعلق بها نكاح جديد حتى يتجدد كل يوم منكوحة لم تكن حالة العقد، وهذا من منزهات الكلم، ولو اعتبرنا في قضايا الشرع هذه الحالات، لقلنا: كل يوم يتجدد نكاح جديد- وإن كان المعقود عليه الإنسانية، لأن النكاح عرض وهو لا يبقى زمانين.
فإن قلت: سيأتي في مسائل الفقه، أن أبا حنيفة رضي الله عنه -يرى أن المعقود عليه في النكاح- البضع فما باله لا يضيف الحل إليه، بل إلى الإنسانية؟
قلت: المعنى هناك أن الموضع موضع البدل العوض مع عدم قطع النظر عن الإنسانية، والمعنى هنا أن الإنسانية مورد الحل، وإن ورد العقد على جسم متقوم بها، ومنها: للزوج غسل زوجته إذا ماتت، لأنه عقد على بدنها، وبدنها باق فيمكن من غسله.
وقالت الحنفية: ليس له ذلك؛ لأن مورد العقد المعنى الزائل بالموت المفارق للبدن، وإذا تجرد البدن عن مورد العقد فلا يعطي حكمه إذا كان مورده قائمًا به وحالًا فيه.
ووافقوا على أن لها غسله إذا مات -مع قولهم أن الزوج غير معقود عليه البتة، فما أكثر مناقضتهم لأصولهم.
ومنها: إضافة الطلاق إلى جزء من المرأة صحيح من حيث إنه محل الطلاق كما أنه محل النكاح، ثم الأصح أنه يقع عليه ويسري إلى سائر البدن -لا أنه من باب التعبير بالبعض عن الكل.