للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوطء، ثم ما ادعاه ابن أبي الدم من أنه لم يصادف هذا الفرع منقولًا لعله كلام من لم يقف على كلام الماوردي فيما إذا كان موضع المغصوب معلومًا أن المالك يملك القيمة ملكًا مستقرًا، وحكى في استقرار الملك إذا كان الموضع مجهولًا وجهين.

وقضية استقرار الملك حل الوطء؛ غير أن في قول القاضي الحسين أن المالك يملك القيمة ملك فرض، لأنه ينتفع [به] ١ على حكم رد العين ما قد ينبي على أنه لا يجوز الوطء كما في الفرض.

مسألة ٢:

اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وسائر الأسماء والمشتقة "كفعيل ونحوه" حقيقة في الحال.

ونعنى بالحال حال تلبس الفاعل ونحوه واتصاله بالمعنى المشتق منه، فإذا قلت: زيد ضارب أو مضروب، فهو حقيقة في حال اتصاف زيد بالضاربية أو المضروبية سواء كان متصفًا به في وقت إطلاقك اللفظ أم لم يكن بل سواء كان يزيد موجودًا وقت إطلاقك أم لم يكن ألا ترى أن قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ} ٣ حقيقة في كل متصف بالزنا وإن كانت الآية قديمة موجودة من قبل أن يخلق الله الزناة، ونزولها سابق على الزناة المحكوم عليهم بحكمها.

وهذا فصل معروف بالإشكال أطال الشيخ الإمام في تقديره وتحريره في تفسيره في الكلام على قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} ٤ وذكر ما شذ به أبو العباس القرافي وذهب إليه من أن المؤمن إنما هو بحسب إطلاق اللفظ وما أورده على نفسه من لزوم أن تكون الآية ونظائرها مجازًا فيمن اتصف بالصفة قبل نزولها، وما أجاب به، ولم نرفض كلامه رأسًا؛ فمن أراد من أهل الفهم والتحقيق أن يهذب نفسه ويروضها حتى تصغر عنده، فلينظر هذا الفصل من كلام ذلك الحبر ليرى النجم كيف يسير في سماء التحقيق، وحاصل اختباره ما ذكرته من أن الاعتبار بحال الاتصال، وأنه لا يعرض له الزمان البتة؛ وإنما يقع الزمان تبعًا، فلا يدل ضارب على غير شخص متصف بالمصدر


١ في "ب" بها.
٢ من قوله: مسألة اسم الفاعل إلى قوله: وجزم به الماوردي في الحاوي. سقط من "ب".
٣ النور "٢".
٤ الطور "١٧".