للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفرق ابن كج بضبط الأسنان بخلاف الموضحات، وعكس الإمام في النهاية صنيع ابن كج وادعى أن الأسنان بالزيادة أولى مشيرًا إلى تعميم إطلاق الشارع مع العلم بعدد الأسنان، ولا كذلك الموضحات.

ومنها: ثبت في الحديث النهي عن التصوير١؛ فلو دعت إلى ذلك ضرورة المسلمين كما روى الواقدي في فتوح الشام "أن النصارى صوروا صورة هرقل على حائط فوقف بعض المسلمين متعجبًا منها، فانقلبت قناة طويلة من أحدهم فأصابت عين الصورة فقلعتها، فعلم به الحرس من قبل لوقا عظيم الروم فجهز رسوله في مائة فارس إلى أبي عبيدة إنكم غدرتم الأمان بقلع عين هذه الصورة وهو عندنا عظيم، فسأل أبو عبيدة من فعل هذا فقيل فلان خاطئًا، فقال أبو عبيدة: إن صاحبنا إنما فعل ما فعل غير متعمد، فقالوا لا نرضى حتى نفقأ عين صاحبكم -يعنون عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان القوم يمتحنون بهذا أمان المسلمين وأنهم هل هم موفون بعهودهم فقال أبو عبيدة أنا أمير هذه الطائفة فافعلوا بي ما فعلوه بتمثالكم؛ فقالوا: لا نرضى إلا بفقء عين ملككم الأكبر، فقال أبو عبيدة ملكنا أمنع من ذلك، وغضب المسلمون وكادت تقوم ملحمة عظيمة فنهاهم أبو عبيدة وقال على رسلكم، فقال منهم قائل: لا عين أميركم ولا عين خليفتكم؛ ولكن نصنع تمثالًا فيه صورة أبي عبيدة ثم نفقأ إحدى عيني ذلك التمثال. فقال المسلمون إن صاحبنا فقأ عين ذلك التمثال غير قاصد وأنتم تتعمدون، فقال أبو عبيدة: يا معشر المسلمين إن هؤلاء ليس لهم عقول -فإنهم رضوا أن يصوروا صورتي ويفعوا بها ما أرادوا، فدعوهم وقلة عقولهم، فرضوا وسكنت الفتنة.

فلو [كانت] ٢ المسألة بحالها وأبوا إلا أن يصور المسلمون تلك الصورة وعلمنا أن ذلك إن [لم] ٣ يفعل كانت فتنة هائلة تؤدي إلى ضرر عظيم بالمسلمين فالذي يظهر جواز ذلك حينئذ.


١ فعن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله". البخاري ١٠/ ٣٨٦ في اللباس/ باب من التصاوير/ "٤٩٥٤"، ومسلم ٣/ ١٦٦٨ في اللباس "٩٢/ ٢١٠٧".
وعن عبد الله بن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أشد الناس عذابًا عند الله المصورون" البخاري ١٠/ ٣٨٢ "٥٩٥٠"، ومسلم ٣/ ١٦٧٠ "٩٨/ ٢١٠٩".
٢ سقط في "ب".
٣ سقط في "ب".