للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشافعي ناقل هذه عنه وهو إمام الحرمين؛ فإن قلت: ألستم على أن العبرة بعموم اللفظ دون خصوص السبب؟ فهل أنتم على أن العبرة بمطلق الجواب دون التعميم؟

فلت: أعلم أن تخصيص العام أصعب من تعميم الخاص لأن فيه اقتطاعًا من اللفظ وليتنبه من ذلك إلى أنه لا يلزم من القول بأن الاعتبار بعموم اللفظ القول بأن ترك الاستفصال لا ينزل منزلة العموم؛ فمن هنا أنا أقول العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وينزل الاستفصال بمنزلة العموم.

فإن قلت: هذا عود بالنقض على قولكم: حق من عمم ترك الاستفصال أن يخصص بالسبب.

قلت: نعم. ولم يكن القصد فيما تقدم إلا أن الناقل عن الشافعي رضي الله عنه أن العبرة بتخصيص السبب هو الناقل عنه أن ترك الاستفصال للعلموم وإن كانا غير متلازمين ولذلك لا يثبت المتأخرون من أصحابنا أن العبرة بخصوص السبب وإن أثبتوا التعميم بترك الاستفصال. [إذا عرفت هذه فليترك الاستفصال] ١ أمثلة:

منها: وإياه ذكر إمام الحرمين: قصة غيلان لما أسلم على عشر نسوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أمسك أربعًا وفارق سائرهن" ٢. ولم يسأله عن كيفية وقوع العقد عليهن معًا أو مرتبًا؛ فكان إطلاق الجواب دليلًا على أنه لا فرق بين أن تترتب العقود أو تقع معًا.

وقد أشبعنا الكلام على هذا في شرح المختصر والمخالف فيه أبو حنيفة رضي الله عنه.

ومنها: حديث المجامع في رمضان لم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم له كان عامدًا أو ناسيًا. قال ابن دقيق العيد: فيدل على العموم في الحالتين. قلت: قوله: هلكت وأهكلت "صريح في أنه كان عامدًا، وفي أنه لم يكن مسافرًا ترخص ومن ثم لا يجب على الناسي كفارة ولا على المسافر الترخص ولكن لم يسأله [النبي] ٣ صلى الله عليه وسلم: هل أنزل أو لم ينزل؛ فدل على شمول الحكم للحالتين وهو كذلك.

ومنها: طلاق ابن عمر امرأته في الحيض٤.


١ سقط في "ب".
٢ الترمذي ٣/ ٤٣٥ في النكاح "١١٢٨" وابن ماجه ١/ ٦٢٨ في النكاح "١٩٥٣" الشافعي في المسند ٢/ ١٦ والحاكم ٢/ ١٩٢- ١٩٣ والبيهقي ٧/ ١٨١.
٣ سقط في "ب".
٤ البخاري ٩/ ٣٦٧ في الطلاق "٥٢٦٢" ومسلم ٢/ ١١٠٣ في الطلاق "٢٤/ ١٤٧٧".