للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه رجل يقود آخر بنسعة١ فقال: يا رسول الله: هذا قتل أخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقتلته؟ " فقال: إنه إن لم يعترف أقمت عليه البينة، قال: نعم قتلته، قال: "كيف قتلته؟ " قال: كنت أنا وهو نختبط من شجرة فسبني وأغضبني فضربته بالفأس على قرنه فقتلته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل لك من شيء تؤديه عن نفسك؟ " قال: ما لي إلا كسائي وفأسي، قال: فترى قومك يشترونك؟ قال: أنا أهون على قومي من ذلك، فرمى إليه بنسعته وقال: "دونك صاحبك" الحديث٢.

فانظر كيف كان يستفصل صلى الله عليه وسلم ليتوضح الحال ويحق الحق وما ذلك منه مختًا بأبواب الاحيتاط من الحد والقصاص؛ بل عامًا في الأبواب ألا ترى إلى قصة المجامع٣ وقوله صلى الله عليه وسلم هل تجد هل تجد ومثل حديث "أينقص الرطب إذا جف" ٤ وغير ذلك من الاستفصال الواقع في كثير من أحاديث الأحكام دل ذلك على أن ترك الاستفصال إشارة إلى التعميم فكان منزلًا منزلة العموم وإن لم يكن حقيقة العموم ما أنبأت عنه الصيغة.

وهذا كما قال في المشترك: يحمل على معانيه كالعام وإن٥ لم يقل إنه عام ونظير تعميم المطلق من الجواب ينزل الاستفصال تخصيص العام في الجواب بخصوص الأسباب. فإن قلت: فمساق هذا أن يكون حق من عمم ترك الاستفصال أن يقول العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ قلت: أجل، ومن ثم نقل [ذلك] ٦ عن


١ هي جل من جلود مضفورة جعلها كالزمام له يقوده بها.
٢ مسلم ٣/ ١٣٠٧ في القسامة/ باب حجة الإقرار بالقتل وتمكين ولي القتل من القصاص "٣٤/ ١٦٨٠".
٣ البخاري ٤/ ١٦٣ في كتاب الصوم/ باب إذا جامع في رمضان "١٩٣٦" ١٠/ ٥٠٣ "٦٠٨٧" وفي ١١/ ٥٩٥ "٦٧٠٩" "٦٧١٠" "٦٧١١" ومسلم ٢/ ٧٨١ في الصيام/ باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان "٨١/ ١١١١".
٤ أبو داود ٣/ ٢٥١ في البيوع: باب في التمر بالتمر "٣٣٥٩"، والترمذي ٣/ ٥٢٨ في البيوع "١٢٢٥" وقال حسن صحيح والنسائي ٧/ ٢٦٨ في البيوع باب اشتراء التمر بالرطب وابن ماجه ٢/ ٧٦١ في التجارات "٢٢٦٤" والحاكم ٢/ ٣٨- ٣٩، ومالك في الموطأ ٢/ ٦٢٤ في البيوع "٢٢"، والشافعي في المسند ٢/ ١٥٩ "٥٥١".
٥ في "ب" وإن ذلك.
٦ سقط في "ب".