للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتسارع إليه بسبب الخلط قبل أن يتغير الطعم فيظن الشارب أنه ليس بمسكر وهو مسكر.

قال الرافعي: وهذا كالنهي عن الظروف التي كانوا ينبذون فيها واعترضه ابن الرفعة بأنه لو صح هذا التشبيه لا نتفت الكراهة لأن النهي عن اتخاذ الظروف نسخ.

قلت: وفيه نظر لأنه -أعني- ابن الرفعة -حاول أن يكون الرافعي قد قاس على أصل منسوخ كما فعلت الحنفية فيما قدمنا وليس كذلك؛ وٍإنما شبه حكمًا بحكم من غير أن يجعل وجه الشبه أصل القياس.

وإنما يرد هذا على الرافعي لو قال: "إنما"١ كرهنا شرب الخليط٢ [لأن النهي عن اتخاذ الظروف نسخ] ٣ وليس ذلك في كلامه.

مسألة:

إذا تعارض القول والفعل فالقول أقوى على الأقوى. وعندي تنقيح [لهذا] ٤ القول الأقوى وهو أن القول إذا دل على الحكم من تحليل وتحريم ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف والفعل أدل على الكيفية ولذلك لما أراد "الصحابي"٥ أن يثبت في الأذهان كيفية وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بحضرتهم ليريهم ذلك غير قانع بوصفه باللسان ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف، ولولا تصريح كثير بما ظاهره خلاف ما أقول لتركيب [الخلاف] ٦ في أن الفعل مقدم أو القول على هذين الحالين وإذا عرفت أن القول مقدم؛ فنحن نذكر أمثلة من تعارض الأقوال والأفعال ثم ما اخترنا فيه قضاء الفعل على القول سببه وما جرينا فيه على الأصل في تقديم القول سكتنا عنه.

فمنها: الساجد. قال الشافعي رضي الله عنه: يضع ركبتيه قبل يديه لما روى أبو داود والترمذي من حديث وائل بن حجر "رأيت رسول الله إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه"٧ وهذا صريح وهو على شرط مسلم، وقال الترمذي: إنه حديث حسن.


١ في "ب" إنا.
٢ في "ب" بالقياس على الظروف.
٣ سقط في "ب".
٤ في "ب" بهذا.
٥ في "أ" الفحال.
٦ في "ب" الاختلاف.
٧ أبو داود ١/ ٢٢٢ في الصلاة/ باب كيف يضع ركبتيه "٨٣٨" والترمذي ٢/ ٥٦ في أبواب الصلاة "٢٦٨" والنسائي ٢/ ٢٠٥ في كتاب التطبيق وابن ماجه ١/ ٢٨٦ في إقامة الصلاة "٨٨٢" وابن خزيمة ١/ ٣١٩ "٦٢٩" وابن حبان ١/ ٢٩١ "١٩٠٣".