للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنبيه رابع:

"ما ذكرناه من دلالة السكوت [عليه] ١ مخصوص بسكوت يلزم منه مفسدة لو لم يكن [السكوت] ٢ عليه مخصوص بسكوت يلزم منه مفسدة لو حلالًا، أو عام في ذلك.

وفي ما لا يلزم من السكوت عليه وقوع مفسدته فيه نظر للشيخ تقي الدين بن دقيق العيد.

ومثاله: طلاق الملاعن زوجته ثلاثًا بعد فراغ اللعان، وسكت عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهل يكون سكوته دليلًا على جواز إرسال الثلاث حيث يعتبر ذلك في المنكوحة -أولًا دليل فيه هنا لأن المطلق [إرسال] ٣ الثلاث ظانًا بقاء النكاح والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنها بانت منه باللعان وأن هذا الكلام لغو.

تنبيه خامس:

"لا فرق بين السكوت على فعل وعلى قول" فإذا قيل بحضرته صلى الله عليه وسلم هذا حلال أو هذا حرام وسكت دل على أنه كذلك.

وليقع النظر هنا في واقعة ابن صياد وأن عمر٤ كان يحلف "بحضرة" صلى الله عليه وسلم أنه الدجال٥.

وقد روى مسلم في صحيحه أن محمد بن "المنكدر" قال: رأيت جابرًا يحلف أن ابن صياد هو الدجال؛ فقلت: تحلف بالله تعالى فقال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند رسول الله فلم ينكره٦.

لكن هذا محمول على أنه لم ينكره إنكار من نفي كونه الدجال؛ بدليل أنه أيضًا لم يسكت على ذلك؛ بل أشار [إليه] ٧ أنه متردد؛ ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر: "إن يكن هو فلن تسلط عليه، وإن لم يكن هو فلا خير لك في قلته"؛ فردده في أمره؛ فلما صار ابن عمر يحلف على ذلك صار حالفًا على غلبة ظنه، والبيان قد تقدم من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم


١ سقط في "ب".
٢ في "ب" المسكوت.
٣ في "ب" أرسل.
٤ في سنن أبو داود وابن عمر.
٥ أبو داود ٤/ ٥٠٦ في الملاحم/ باب في خبر ابن صائد "٤٣٣٠".
٦ البخاري ١٣/ ٣٢٣ في الاعتصام حديث "٧٣٥٥" ومسلم ٤/ ٢٢٤٣ في الفتن "٩٤/ ٢٩٢٩".
٧ في "ب" إلى.