للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أضرب زيدًا بل عمرًا، وقام زيد بل عمرو فقال النحاة هي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه فلا يحكم عليه بشيء ويثبت ما بعدها.

وأقول هذا في الخبر واضح، أما في الأمر نحو اضرب زيدًا بل عمرًا لو فرض وروده في كلام الشارع فالظاهر أنه نسخ قبل الفعل.

وإن تقدمها نفي ولو نهيًا فهي لتقدير ما قبلها على حاله وجعل ضده لما بعدها، نحو ما قام زيد بل عمرو، ووافق المبرد على ما ذكرناه، غير أنه أجاز مع ذلك أن تكون ناقلة معنى النفي والنهي إلى ما بعدها.

ويتخرج على الخلاف ما الذي لك عندي دينارًا بل درهمًا، [أو] ١ بل درهم ويختلف المعنى فإن نصبت الدراهم اتجه أن لا يجب شيء، وجاز النصيب بعد بل لأن المعطوف على خير ما ليس موجبًا فلم يتعين رفعه بل وجب النصب؛ لأن التقدير: "بل ما الذي لك عندي درهمًا" وحينئذ لا يجب الدرهم لكونه نفاه ولم يتقدم منه إثباته ولا الدينار لنفيه إياه أولًا.

فإن قلت: لكن مفهوم "بل" إثباته.

قلت: إن سلم أن مفهوم فالأقارير لا تثبت بالمفاهيم.

وإن رفعت الدرهم كنت مقرًا به؛ إذ التقرير "بل الذي عندي درهم".

مسألة: بلى: حرف جواب مختص بالنفي مفيد لإبطاله سواء كان جوابًا لاسفتهام أو لخبر منفي

فالأول: مثل أليس لي عليك ألف؟ فيقول: بلى.

والثاني: مثل أليس لي عليك ألف؟ فيقول: بلى؛ غير أنه في هذه الثانية يكون مقرًا لمنكر؛ وإنما كانت٢ كذلك لكونها ردًا للنفي الذي في كلام المستفهم أو المخبر ونفي النفي إثبات، وعلى ذلك ورد في الاستفهام التقريري قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} ٣ معناه أنت ربنا ولذلك قال ابن عباس لو قالوا نعم لكفروا ووجه ذلك بأن نعم تصديق لما وقع الإخبار عنه بنفي أو إثبات هذا مقتضى اللغة ولذلك يلزم من قال "بلى" في جواب من قال: أليس لي عليك كذا.


١ سقط في "ب".
٢ في "ب" زيادة بلى.
٣ سورة الأعراف آية: ١٧٢.