وثانيًا: كم فيه لا يصلح أن تكون خبرية؛ لأن هذا الكلام لإنشاء التوكيل بالبيع بما يراه، ولو جعلت خبرية أمكن أن يتحمل لها أن لا تكون للصدر على لغة حكاها الأخفش١ وذكر أنهم يقولون ملكت كم غلام أي ملكت كثيرًا ولكن لا يمكن؛ إذ لا تصح الخبرية هنا ولا الاستفهامية، إذ المتكلم لم يقصد الاستفهام، بل عقد التوكيل على هذه الصورة.
وبلغني أن أبا علي ذكر أن كم قد تشرب معنى أي. فإن أراد معنى أي مطلقًا فيتجه أن يقال هنا معنى قوله بكم شئت بأي شيء شئت.
وإن أراد معنى أي في العموم مع بقاء الاستفهام كما ذلك في أي الاستفهامية فلا يتخرج هنا؛ إذ لا استفهام في التوكيل وما يتنبه له أن مدلول كم تقتضي أن لا يبيع إلا بعدد أي عدد شاء فلو باع بواحد فلا يصح؛ إذ الواحد ليس بعدد كما هو الحق الصواب.
هذا موضوع كم وإطلاق الأصحاب يأباه، ونظير المسألة إذا قال الولي للوكيل زوجها بكم شئت فله تزويجها بأقل من مهر المثل برضاها ذكر الرافعي في الصداق.
مسألة:
"كيف" اسم يستعمل على وجهين للشرطية، وكيف استفهامًا وخبرًا للحال.
فإذا قال أنت طالق كيف شئت قال أبو زيد والقفال تطلق شاءت أو لم تشأ، وقال الشيخ أبو علي يتوقف طلاقها على صدر مشيئة منها في المجلس إما مشيئة أن تطلق أو مشيئة أن لا تطلق.
مسألة:
كان فعل يدل على إتصاف اسمه بخبره في الماضي.
واختلف الأصوليون في دلالتها على التكرار، وهي مسألة لم يذكرها النحاة، والنحاة قالوا في دلالتها على الانقطاع، وهي مسألة لم يذكرها الأصوليون.
قال بعض النحاة لا تدل على الانقطاع؛ بل هي ساكنة عنه.
وقال أكثرهم كما ذكر شيخنا أبو حيان تدل عليه ويتجه على هذا عدم قبول شهادة
١ سعيد بن مسعدة أبو الحسن المعروف بالأخفش الأوسط قرأ النحو على سيبويه وكان معتزليًا دخل بغداد وأقام بها مدة درس وصنف فيها من تصانيفه معاني القرآن، المقياس في النحو، إنباه الرواة ٢/ ٣٦، شذرات الذهب ٢/ ٣٦.