للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروى الحافظ أيضًا بأسانيد مختلفة هذا الأثر بزيادات أخر اجتمعت على بعضها واختلفت [في] ١ بعضها وأنا ألحق تلك الطرق وأجمع ما اجتمعت وما افترقت فيه؛ فكان مذكورًا في بعضها دون بعض فأقول:

روي أن قيصر ملك الروم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان: أما بعد فأي كلمة أحب إلى الله؟ وما الثانية والثالثة والرابعة والخامسة؟ ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه؟ وما خمسة فيها الروح لم تركض في رحم؟ وقبر سار بصاحبه؟ ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة لم تطلع فيه قبل ذلك ولا تطلع بعده؟ ومجرة السماء ما هي؟ وقوس قزح وما بدأ مرة؟ وقبله من لا قبلة له، ومن لا أب له، ومن لا عشيرة له؟ وعن شيء نصف شيء ولا شيء؟ وابعث إلي في هذه القارورة٢.

فلما قرأ معاوية كتابه قال: ما له أخزاه الله؟! وما علمي بها ها هنا؟ فقيل له: اكتب إلى ابن عباس، فكتب يسأله عن ذلك.

فكتب إليه ابن عباس: "إن أفضل الكلام لا إله إلا الله -كلمة الإخلاص، وما يقبل عمل إلا بها، والتي تليها سبحان الله وبحمده والثالثة كلمة الشكر الله أكبر وفاتحة الكتاب والركوع والسجود، والخامسة لا حول ولا قوة إلا بالله، وأكرم الخلق آدم، وأكرم الإماء مريم، والخمسة الذين لم يركضوا في رحم: آدم وحواء الكبش الذي فدي به إسماعيل وعصا موسى حين ألقاها فصارت ثعبانًا وناقة صالح، والقبر الذي سار بصاحبه [فالحوت] ٣ الذي التقم يونس، والمكان الذي انفرج لموسى من البحر لما ضربه بعصاه فانفلق والمجرة باب السماء، وقوس قزح أمان لأهل الأرض من الغرض بعد قوم نوح، ومن لا قبله له الكعبة، ومن لا أب له عيسى، ومن لا عشيرة له آدم، وأما شيء فالرجل له عقل يعمل بعقله، وأما نصف شيء فالرجل لا عقل له يعمل بعقل ذوي العقل، وأما لا شيء فالذي ليس له عقل يعمل برأي نفسه.

ثم ملأ القارورة ماء وقال: هذا أبرز كل شيء: قال [الله] ٤: تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} ٥.

فلما وصل الكتاب إلى ملك الروم قال: لقد علمت أن معاوية لم يكن له بهذا علم، وما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.


١سقط من "ب".
٢ في "ب" زيادة ببدر كل شيء.
٣ في "ب" الحوت.
٤ سقط من "ب".
٥ سورة الأنبياء "٣٠".