قلنا: ينبغي أن لا يلتقي بمثل: "رماه مخولق" كما ذكرناه.
إيفاء جميع ما ذكرنا "يجري فيما إذا قال إن لم تخبريني هل سرقت؟ فأنت طالق.
فإن أصحابنا قالوا: نقول سرقت ما سرقت، وهذا إذا لم يقصد التعيين والتعريف.
وحكى الصيمري في كتاب "أدب الفتيا" أن المنصور حلف على خادمه ليصدقنه عن حال جوهرة فقدها وإلا ضرب عنقه فاستفتى أبا حنيفة، فقال يخبره الخادم بأنه أخذها وبأنه ما أخذها فيكون قد صدق لا محالة.
قلت: قد يقال في هذا أنه صدق ولا يقال: أخبره ثم يستشكل ويقال الصدق أخص من الخبر فكيف يثبت الأخص ولا يثبت الأعم.
وحكى الصيمري أيضًا ان امرأة بدوية لقيها بعض فقهاء الشافعية فقالت: إن زوجي أسر إلى رجل من أهل الحي سرًا فأبداه إلي فأخبرته، فحلف أن أخبره بالذي أخبرني، فعلمت أني إن أخبرته بذلك قلته، فجمعت أهل الحي عن آخرهم - والذي أخبرني في جملتهم- فقلت: أخبرني هذا أخبرني هذا حتى أتين على جميعهم، أيخرج من يمينه؟ فقال: لها نعم.
ومثله حكي عن أبي حنيفة رضي الله عنه في رجل وزوجته أكلا رطبًا وألقيا النوى في طست بحضرتهما، ثم حلف بالطلاق لتخبرنه بعدد ما أكل من الرطب، قال: فالمخرج من ذلك أن تقول: أكلت رطبة، أكلت رطبتين، وهكذا إلى أن تنتهي إلى القطع بالعدد المأكول.
قلت: وكل هذا ذكره أصحابنا، والأمر فيه على ما وصفت، وبه يتضح تقييد كلام الجدليين؛ حيث قالوا -ومنهم الرقاني في تهذيب اسم الجدل في باب المغالطات:
"إن الرجل إذا قال لزوجته التي خرجت] لغرض فاسد:
إن لم تصدقيني في الخبر عما خرجت إليه فأنت طالق، فتقول الزوجة: ما هذا التشديد وسوء الظن! ومن أين لك التحكم علي مع تقصيرك في حقي! خرجت للزنا وزيارة الشباب ومعاشرة المفسدين سآمة١ منك وفرارًا عنك؟! ما هذه التهمة وعلى ماذا خرجت! إن خرجت إلا لزيارة أخت لي.