للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

زوجته أن تسمع إلا فتيا الليث بن سعد؛ فاستحضره من مصر إلى العراق، فقال: يا أمير المؤمنين: هل هممت بمعصة فذكرت الله وختفه وتركتها؟ قال: نعم فقال يا أمير المؤمنين: ليس لك جنة واحدة؛ بل جنتان قال الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ١.

والمسألة مشار إليها في شرح الرافعي؛ إذ في فروع الطلاق أنها لو قالت لزوجها أنت من أهل النار فقال: إن كنت من أهل النار فأنت طالق لم يحكم بوقوع الطلاق إن كان الزوج مسلمًا؛ لأنه من أهل الجنة ظاهرًا.

مسألة:

وقع حجر من سطح فقال الزوج: إن لم تخبريني الساعة من رماه فأنت طالق وهي لا تدري من رماه، كيف الخلاص؟

الجواب: قال القاضي الحسين: تقول: رماه مخلوق ولا تطلق قال: فإن قالت: رماه آدمي طلقت لجواز أن يكون رماه كلب أو ريح كذا نقله في الرافعي.

قلت: وقد لا يكون رماه مخلوق بل وقع بنفسه. بإرادة الله تعالى: فينبغي أن يقال: لا يتخلص إلا إذا قالت رماه الله، ولا يمنتنع إطلاق هذا اللفظ قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} ولعل وقوعه بمجرد الإرادة القديمة بإذنه؛ فلم تحمل عليه الأحكام.

ثم أقول: ينبغي أن لا يخلص بكل تقدير إلا إذا لم يقصد التعيين والتعريف؛ فقد قال الأصحاب فيما إذا قال: إن لم تخبريني بعدد حبات هذه الرمانة فأنت طالق: أنها تتخلص بأن تبتدئ من عدد مستيقن أن الحبات لا تنقص عنه، وتذكر الأعداد بعدة متوالية بأن تقول: وواحدة هكذا إلى أن تنتهي إلى عدد تستيقن أن الحال لا يزيد عليه -فتكون مخبرة عن ذلك العدد.

ثم قالوا: وهذا إذا لم يقصد التعيين والتعريف؛ وإلا فلا يحصل.

ثم أقول: كل هذا بناء على الخبر شرطه الصدق، وليس كذلك فالخبر ينقسم إلى صدق وكذب؛ فلم لا يكتفي بقولها: رماه فلان -وإن كانت كاذبة كما قال الأصحاب في "من أخبرني بقدوم فلان فهي طالق وأخبرته وهي كاذبة تطلق" ذكره في التنبيه وغيره.

فإن قيل: المقصود التعيين والتعريف ومع الكذب لا يتأتى.


١ سورة الأنفال "١٨".