للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- أن يعنى بأسباب النزول؛ فإن أسباب النزول كثيرا ما تعين على فهم المراد من الآية١.

٣- أن يعنى بذكر المناسبات بين الآيات؛ لأن في ذلك الإفصاح عن خصيصة من خصائص القرآن الكريم وهي: الإعجاز، وللمناسبات في الكشف عن أسرار الإعجاز ضلع كبير.

وقد اختلفت مناهج المفسرين في هذين الأخيرين، فمنهم: من يذكر المناسبة؛ لأنها المصححة لنظم الكلام، وهي سابقة عليه، وبعضهم: يذكر السبب أولا؛ لأن السبب مقدم على المسبب.

والتحقيق: التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} ٢، فهذا ينبغي فيه تقديم السبب على المناسبة؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف وجه المناسبة على ذلك: فالأولى تقديم المناسبة على سبب النزول لبيان تآلف نظم القرآن، وتناسقه، وأخذ آياته بعضها بحجز بعض.

٤- أن يجرد نفسه من الميل إلى مذهب بعينه، حتى لا يحمله ذلك على تفسير القرآن على حسب رأيه ومذهبه، ولا يزيغ بالقرآن عن منهجه الواضح، وطريقه المستقيم.

٥- مراعاة المعنى الحقيقي والمجازي، حتى لا يصرف الكلام عن حقيقته إلى مجازه إلا بصارف، وليقدم الحقيقة الشرعية على اللغوية وكذلك الحقيقة العرفية، ولْيراعِ حمل كلام الله على معانٍ جديدة أولى من حمله على التأكيد، ولْيراعِ الفروق الدقيقة بين الألفاظ.


١ فإنه بمعرفة سبب النزول يتبين لنا ارتباط الآية بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} الآيات، فقد فضل اليهود دين الوثنية على دين التوحيد، فكان ذلك منهم خيانة للأمانة التي أخذها الله عليهم أن يقولوا الحق ولا يجحدوا، واستحقوا بهذا التوبيخ، والوعيد، فمناسب بعد هذا أن يذكر بالأمانة العامة بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُم} .
٢ النساء: ٥٨.

<<  <   >  >>