للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- الإسرائيليات في قصة التابوت:

ومن الإسرائيليات، التي التبس فيها الحق بالباطل: ما ذكره غالب المفسرين في تفاسيرهم: في قصة طالوت، وتنصيبه ملِكًا على بني إسرائيل، واعتراض بني إسرائيل عليه، وإخبار نبيهم لهم بالآية الدالة على ملكه، وهي التابوت، وذلك عند قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ١.

فقد ذكر ابن جرير، والثعلبي، والبغوي، والقرطبي، وابن كثير، والسيوطي في: "الدر" وغيرهم في تفاسيرهم كثيرا من الأخبار عن الصحابة والتابعين، وعن وهب بن منبه، وغيره من مسلمة أهل الكتاب في وصف التابوت، وكيف جاء، وعلام يشتمل، وعن السكينة وكيف صفتها.

فقد ذكروا في شأن التابوت: أنه كان من خشب الشمشاد٢، نحوًا من ثلاثة أذرع في ذراعين، كان عند آدم إلى أن مات، ثم عند شيث، ثم توارثه أولاده، إلى إبراهيم، ثم كان عند إسماعيل، ثم يعقوب، ثم كان في بني إسرائيل، إلى أن وصل إلى موسى عليه السلام فكان يضع فيه التوراة ومتاعا من متاعه، فكان عنده إلى أن مات، ثم تداوله أنبياء بني إسرائيل إلى وقت شمويل، وكان عندهم حتى عصوا، فغلبوا عليه؛ غلبهم عليه العمالقة.

وهذا الكلام وإن كان محتملا للصدق والكذب، لكننا في غنية ولا يتوقف تفسير الآية عليه.

وقال بعضهم: إن التابوت إنما كان في بني إسرائيل، ولم يكن من عهد آدم عليه السلام، وأنه الصندوق الذي كان يحفظ فيه موسى عليه السلام التوراة، ولعل هذا أقرب إلى الحق والصواب، وكذلك أكثروا من النقل في: "السكينة"، فروى عنه


١ البقرة: ٢٤٨.
٢ في البغوي بالمعجمتين والدال المهملة، وفي القرطبي بالمعجمة ثم ميم ثم سين مهملة آخره راء، وفي بعض التفاسير والذال المعجمة.

<<  <   >  >>