[الإسرائيليات فيما يتعلق بعمر الدنيا وبدء الخلق وأسرار الوجود وتعليل بعض الظواهر الكونية]
[مدخل]
...
[الإسرائيليات فيما يتعلق بعمر الدنيا وبدء الخلق وأسرار الوجود وتعليل بعض الظواهر الكونية]
والتابعين، وجاء بعضه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا تكون الطامة؛ لأن هذه الروايات متهافتة باطلة، فنسبتها إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم من الخطورة بمكان.
وكأن هؤلاء الذين وضعوها وألصقوها بالنبي صلى الله عليه وسلم زورا، كانوا يدركون ببعد نظرهم أنه سيأتي اليوم الذي تتكشف فيه الحقائق العلمية لهذه الأمور الكونية، ومعرفة عصمة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه ما ينطق عن الهوى، ويقللوا الثقة بالأنبياء، وهم قوم من الزنادقة الذين جمعوا بين الزندقة، والعلم، والمعرفة ببعض الظواهر، والعلوم الكونية، وهم أعظم الطوائف كيدا للإسلام، لخبث نياتهم، وإحكام كيدهم.
ولا أدري ماذا يكون موقف الداعي إلى الله في المجتمعات العلمية، والبيئات المتحضرة إذا وُوجِهَ بمثل هذه الروايات الباطلة التي تغض من شأن الإسلام وهو منها براء؟ ولو أن هذه المرويات صحت أسانيدها لربما كان للمتمسكين بها، والمنتصرين لها بعض المعذرة، أما وهي ضعيفة أسانيدها، واهية مخارجها، فالواجب ردها ولا كرامة، وأحب أن أقول: إن معظم هذه المرويات في الأمور الكونية تخالف مخالفةً ظاهرةً المقرراتِ والحقائقَ العلميةَ التي أصبحت في حكم البديهات والمسلمات ككرويةِ الأرض، ودورانها، وسبب حدوث الخسوف والكسوف ونحوها، والانتصار لهذه المرويات التي تصادم الحقائق العلمية الثابتة، مما يعود على الإسلام بالضرر والنقض، وينفر منه المفكرون وذوو العلم، والمعرفة، بل هي أضر على الإسلام من طعن أعدائه فيه.
ويعجبني غاية الإعجاب في هذا المقام، ما ذكره الإمام حجة الإسلام الغزالي في مقدمة كتابه:"تهافت الفلاسفة" وسأنقله بنصه؛ لنفاسته، وعظم نفعه في بيان ما ينبغي أن يكون موقف المسلم الواعي الفطن، من النظريات والمقررات العلمية. قال رحمه الله:
القسم الثاني١: ما لا يصدم مذهبهم فيه أصلًا من أصول الدين، وليس من ضرورة تصديق الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم منازعتهم فيه، كقولهم: إن
١ يعني من الأقسام التي يقع الخلاف فيها بين الفلاسفة وغيرهم.