ولعل قائلا يقول: أما ما ذكرت من احتمال أن تكون هذه الروايات الإسرائيلية مختلقة، موضوعة على بعض الصحابة والتابعين، فهو إنما يتجه في الروايات التي في سندها ضعيف أو مجهول، أو وضاع، أو متهم بالكذب، أو سيء الحفظ، يخلط بين المرويات، ولا يميز، أو نحو ذلك، ولكن بعض هذه الروايات حكم عليها بعض حفاظ الحديث بأنها صحيحة السند أو حسنة السند، أو إسنادها جيد، أو ثابت، ونحو ذلك، فماذا تقول فيها؟!
والجواب: أنه لا منافاة بين كونها صحيحة السند، أو حسنة السند أو ثابتة السند، وبين كونها من إسرائيليات بني إسرائيل، وخرافاتهم، وأكاذيبهم فهي صحيحة السند إلى ابن عباس، أو عبد الله بن عمرو بن العاص، أو إلى مجاهد، أو عكرمة، أو سعيد بن جبير وغيرهم، ولكنها ليست متلقاة عن النبي، لا بالذات، ولا بالواسطة ولكنها متلقاة عن أهل الكتاب الذين أسلموا، فثبوتها إلى من رويت عنه شيء، وكونها مكذوبة في نفسها، أو باطلة، أو خرافة، شيء آخر، ومثل ذلك: الآراء والمذاهب الفاسدة اليوم، فهي ثابتة عن أصحابها، ومن آرائهم ولا شك، ولكنها في نفسها فكرة باطلة، أو مذهب فاسد.