للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كانت التفاسير قبل ابن جرير لا يذكر فيها إلا الروايات الصرفة، من غير أن يذكروا من عندهم شيئا، حتى جاء ابن جرير، فزاد توجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، وذكر الأعاريب والاستنباطات، والاستشهاد بأشعار العرب على معاني الألفاظ.

ثناء الأئمة عليه:

وقد حظي تفسير ابن جرير بثناء الأئمة عليه، قال الإمام النووي في تهذيبه: "وكتاب ابن جرير لم يصنف أحد مثله"، وقال الشيخ الإمام أبو حامد الإسفراييني شيخ الشافعية: "لو رحل رجل إلى الصين، حتى يَحصُلَ على تفسير ابن جرير، لم يكن ذلك كثيرا عليه"، وقال الإمام ابن تيمية: "هو من أجل التفاسير، وأعظمها قدرا"١، ولم أجد من فضَّل غيره عليه، إلا ما كان من ابن حزم، فقد فضل عليه تفسير الإمام بقي بن مخلد، حيث قال: أقطع إنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره، لا تفسير ابن جرير ولا غيره"٢ وهو غير مطبوع.

ما أُخِذَ على تفسير ابن جرير:

وقد أُخِذ على تفسير ابن جرير: أنه يذكر الروايات من غير بيان وتمييز لصحيحها من ضعيفها، والظاهر أنه من المحدثين الذين يرون أن ذكر السند، ولو لم ينص على درجة الرواية، يخلي المؤلف عن المؤاخذة والتبعة.

ولم يسلم تفسير ابن جرير على جلالة مؤلفه من الروايات الواهية والمنكرة، والضعيفة والإسرائيليات، وذلك مثل ما ذكره من حديث الفتون، وفي قصص الأنبياء، وما ذكره في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة زينب بنت جحش، على ما يرويها القصاص والمبطلون، وإن كان ذكر الرواية الصحيحة، ويا ليته اقتصر عليها، وسأنبه على ذلك فيما يأتي إن شاء الله تعالى.


١ الإتقان ج ٢ ص ١٧٨، ١٩٠.
٢ أعلام المحدثين ص ١٠٦.

<<  <   >  >>