للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها على وجود الله، وعلمه، وقدرته وإرادته وسائر صفاته.

وقد قصد الإمام الرازي من دراسته التفسيرية: أن يبين تفوق الحكمة القرآنية على سائر الطرق الفلسفية، وانفراد القرآن بهداية العقول البشرية، إلى غايات الحكمة، من طريق العصمة، فقد كتب في وصيته التي أملاها عند احتضاره:

"لقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن؛ لأنه يسعى في تسليم العظيم والجلال لله، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات وما ذاك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك الحقائق العميقة والمناهج الخفية".

قيمة تفسيره العلمية:

إن تفسير: مفاتيح الغيب" من أجل التفاسير، وإن كان أطال في الاستدلال، ورد الشبه، إطالة كادت تغطي على كونه كتاب تفسير ولست مع ابن عطية الذي قال فيه: "فيه كل شيء إلا التفسير"؛ فإنه رحمه الله مع الاستطراد إلى ذكر الأدلة والبراهين، قد وفى التفسير حقه، ولولا أن هذا ليس من غرضي في هذا الكتاب، لأقمت على هذا ألف دليل، ومن مميزات هذا التفسير الجليل: أنه يكاد يخلو من الإسرائيليات، وإذا ذكر شيئا فذلك لأجل أن يبطله، وذلك كما صنع في قصة هاروت وماروت، وقصص داود، وسليمان وغيرهما، كما تعرض بالتزييف لبعض المرويات التي تخل بعَظَمَة النبي صلى الله عليه وسلم وأبطلها كما صنع في قصة الغرانيق، وسنعرض لإبطالها إن شاء الله.

نعم قد ذكر بعض المرويات التي تعتبر من الإسرائيليات، وذلك مثل ما روي في: "ن" وأنه الحوت الذي على ظهره الأرض، وإن كان ضعفه فيما ضعف من أقوال في هذه الآية، ولكن لم يعوَّل في التضعيف على مخالفتها للعقل، أو ضعفها من جهة النقل، أو كونها من الإسرائيليات، وإنما اعتمد على وجه أخر يرجع إلى النحو١.


١ انظر تفسير الفخر في قوله تعالى: {نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} ,

<<  <   >  >>