السميساطية، بدمشق، ولد ببغداد سنة ثمانٍ وسبعين وستمائة، قال ابن قاضي شهبة: وكان من أهل العلم، جمع، وألَّف وحدث ببعض مصنفاته. وكان صوفيا، حسن السمت، بشوش الوجه، متوددًا للناس، ومن مؤلفاته: شرح عمدة الأحكام، ومقبول المنقول في عشر مجلدات، جمع فيه بين مسندي الشافعي، وأحمد بن حنبل، والكتب الستة، والموطأ وسنن الدارقطني، ورتبة على الأبواب، وهذا يدل على أنه كانت له مشاركته في العناية بالحديث وإن لم يكن من حفاظه، ونقاده، و "لباب التأويل، في معاني التنزيل" وهو ما نحن بصدده.
منهجه في تفسيره وقيمته العلمية:
وقد صدر كتابه هذا بمقدمة مفيدة في فضل القرآن وتلاوته، ووعيد من تكلم في تفسير بغير علم، وجمع القرآن وترتيبه ونزوله على سبعة أحرف، ومعنى التفسير والتأويل، وقد جمع كتابه هذا من تفسير البغوي، وغيره من التفاسير التي تقدمته، وليس له فيه كما يقول في ديباجته سوى النقل، والانتخاب، مع حذف الأسانيد وتجنب التطويل.
ومن حسنات هذا الكتاب: عناية صاحبه بتخريج الأحاديث: أي بيان من رواها من الأئمة في كتابه، مشيرا إلى صاحب الكتاب بالحرف تارة، وذاكرا الاسم تارة، وما لم يكن في الكتب المشهورة ورواه البغوي؛ عزاه إليه، وما أخذه البغوي عن الثعلبي بينه.
وقد امتلأ هذا التفسير كأصليه: تفسير البغوي، وتفسير الثعلبي بالقصص، والأخبار، والإسرائيليات الباطلة، ولا سيما في قصص الأنبياء، وأخبار الأمم الماضية، والفتن، والملاحم، ومن الحق أن نقول هنا: إن الخازن قد يكر على بعض الإسرائيليات والموضوعات ولا سيما ما يتعلق منها بالطعن في عصمة، وما يخل بالعقيدة الصحيحة بالإبطال والإطناب في ذلك: كما فعل في قصة الغرانيق، وقصة هاروت وماروت، وداود، وسليمان ونحوها.
كما أنه قد يذكر الكثير من الإسرائيليات المشتملة على العجائب والغرائب، والتي لا يشهد لها نقل صحيح، ولا عقل سليم، ولا يعقب بتضعيف أو إبطال، وسأنبه عليها إن شاء الله تعالى.