للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلمية المباركة: عام سبعين ومائتين وألف١ بعد الهجرة، فرضي الله عنه وأرضاه.

منهجه في تفسيره وقيمته العلمية:

وتفسير "روح المعاني" خير تفسير، وأجمعه، وأوفاه، وقد جمع فيه خلاصة كل كتب التفسير قبله وحواشيها، ولا سيما حاشية: تفسير الكشاف، وحاشية الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي، وقد حل بعض رموزها، وعباراتها الخفية التي استعصى فهم المراد منها على العلماء، وله استدراكات قيمة، وتعقبات دقيقة لمن سبقه من العلماء.

وكثيرًا ما يدلي برأيه بين الآراء، فهو ليس مجرد ناقل، بل له شخصيته العلمية البارزة، وأفكاره النيرة، وليس في تفسيره ما يؤاخذ عليه إلا كثرة الاستطرادات، والتوسع فيما يستطرد إليه، حتى يكاد يغرق القارئ لكتابه في بحر هذه الاستدراكات، ولو أن أحدا نزع ما استطرد إليه من كتابه، لجاءت في رسائل كثيرة، وكذلك ذكره للتفسير الإشاري، فليس ثمة ما يدعو إليه؛ ولعله فعل ذلك لنزعة تصوُّفية، وليجيء كتابه جامعا لكل الألوان التفسيرية، ومرضيا لجميع الأذواق.

ولما كان الإمام الآلوسي من المتأخرين، وكانت له مشاكرة علمية في كثير من العلوم، وسعة اطلاع على كلام من سبقوه، ولا سيما علماء الحديث، وأئمته العارفين بمتونه وأسانيده، فمن ثم لم يقع فيما وقع فيه بعض المفسرين السابقين له من ذكر الأحاديث الموضوعة في الفضائل وغيرها، وكذلك خلا تفسيره من الاغترار بالإسرائيليات، وهو إنما ذكرها لينبه إلى اختلاقها، وبطلانها وتحذير المسلمين ولا سيما طلبة العلم وأهله من التصديق بها أو أن لها أصلا في الإسلام، ولم أعلم أحدا من المفسرين، بعد العلامة الحافظ ابن كثير في تفسيره، حارب الإسرائيليات، والموضوعات، مثل ما فعل الإمام الآلوسي في تفسيره، فقد أفاض في رد هذه الإسرائيليات والمختلفات، كما صنع في قصة اسماعيل، وإسحاق، وأيهما الذبيح؟ وبيان أن كونه إسحاق رأي باطل تدسس إلى الرواية الإسلامية وفي قصة يوسف وداود وسليمان وأيوب ونحوها الغرانيق......... وقد


١ انظر ترجمته في أول الجزء الأول من النسخة الأميرية المطبوعة في بولاق.

<<  <   >  >>