للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام مالك: "شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس" وقال ابن المبارك: "العلم: الذي يجيئك من ههنا وههنا" يعني المشهور الذي رواه الكثيرون. رواها البيهقي في المدخل وروى عن الزهري أنه قال: "ليس من العلم ما لا يُعرَف، إنما العلم ما عُرِف وتواطأت عليه الألسن١".

وأحب أن أنبه إلى أن أصل القصة ثابت بالقرآن الذي لا شك فيه وإنما موضع الشك في كل هذه التزيدات التي هي من الإسرائيليات.

وقد ذكر المفسرون جميعا كل ما يدور حول قصة المائدة، وإن اختلفوا في ذلك قلة وكثرة٢، والعجب أن أحدا لم ينبه على أصل هذه المرويات، والمنبع الذي نبعت منه، حتى الإمامين الجليلين: ابن كثير والآلوسي، وإن كان ابن كثير قد أشار من طرف خفي إلى عدم صحة معظم ما روى، ولعلهم اعتبروا ذلك مما يباح روايته، ويحتمل الصدق والكذب، فذكروه من غير إنكار له، وكان عليهم أن ينزهوا التفسير عن هذا وأمثاله.

وقد شكك في القصة الطويلة التي اختصرناها الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، فقال: قلت: في هذا الحديث مقال، ولا يصح من قبل إسناده٣.

ثم عرض بعد لما روي مرفوعا، وموقوفا، وذكر ما قاله الإمام أبو عيسى الترمذي: من أن الموقوف أصح، وأن المرفوع لا أصل له٤.

التفسير الصحيح للآيات:

ولأجل أن نكون على بينة من أن تفسير الآيات، والانتفاع بها، والاهتداء بهديها.


١ تدريب الراوي ص ١٩٢.
٢ انظر تفسير ابن جرير عند هذه الآيات، وتفسير الدر المنثور عندها أيضا، وتفسير الزمخشري، والفخر الرازي، وأبي السعود عند تفسير الآيات، وتفسير ابن كثير والبغوي ج٣ ص ٢٧٤- ٢٧٩، والآلوسي ج٧ من ص ٦٢- ٦٥ والقرطبي ج ٦ من ص ٣٦٩-٣٧٢ إلا أنه قال: في هذا الحديث مقال، ولا يصح من قبل إسناده.
٣ تفسير القرطبي ج ٦ ص ٣٧٢ ط الأولى.
٤ هذه العبارة تطلق عند بعض المحدثين على ما هو موضوع وليس من شك في أن رفع هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن كان عمدا فهو كذب واختلاق عليه، وإن كان غلطا وسهوا فهو ملحق بالوضع، كما نبه إليه أئمة علوم الحديث كابن الصلاح وغيره.

<<  <   >  >>