لا أراها شيئا، وأظنك لا تجد لها سندًا يُعوَّل عليه ولو ابتغيت نفقًا في الأرض، أو سلما في السماء"١.
التفسير الصحيح للآية:
والذي يترجح عندي أن المراد بهم أناس من قوم موسى عليه الصلاة والسلام اهتدوا إلى الحق ودعوا الناس إليه، وبالحق يعدلون فيما يعرض لهم من الأحكام والقضايا، وأن هؤلاء الناس وجدوا في عهد موسى وبعده، بل وفي عهد نبينا صلى الله عليه وسلم كعبد الله بن سلام وأضرابه، وقد بيَّن الله تبارك وتعالى بهذا: أن اليهود وإن كانت الكثرة الكاثرة فيهم تجحد الحق وتنكره، وتجور في الأحكام، وتعادي الأنبياء، وتقتل بعضهم، وتكذب البعض الآخر، وفيهم من شكاسة الأخلاق والطباع ما فيهم، فهنالك أمة كثيرة منهم يهدون بالحق، وبه يعدلون، فهم لا يتأبون عن الحق، ففيه شهادة وتزكية لهؤلاء، وتعريض بالكثرة الغالبة منهم، التي ليست كذلك، والتي جحدت نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيمن جحدها من طوائف البشر، وناصبته العداوة والبغضاء، وهو ما يشعر به قوله سبحانه قبل:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وبذلك تظهر المناسبة بين هذه الآية والتي قبلها مباشرة، والآيات التي قبل ذلك.
أما ما ذكروه: فليس هناك ما يشهد له من عقل، ولا نقل صحيح، بل هو يخالف الواقع الملموس، والمشاهد المتيقن، وقد أصبحت الصين وما وراءها معلوما كل شبر فيها، فأين هم؟ ثم ما هذا النهر من الشهد؟! وما هذا النهر من الرمل؟! وأين هما؟! ثم أي فائدة تعود على الإسلام والمسلمين من التمسك بهذه الروايات التي لا خطام لها، ولا زمام؟! وماذا يكون موقف الداعية إلى الإسلام في هذا العصر الذي نعيش فيه، إذا انتصر لمثل هذه المرويات الخرافية الباطلة؟! إن هذه الروايات لو صحت أسانيدها لكان لها بسبب مخالفتها للمعقول، والمشاهد الملموس ما يجعلنا في حل من عدم.