للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وهذا الأثر من الثاني أو الثالث فيه نظر١.

قال: فأما من حدث به: من صحابي أو تابعي، فإنه يراه من القسم الثالث؛ يعني: ما يحتمل الصدق، والكذب، وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق: آدم وحواء وإنما المراد من ذلك: المشركون من ذريته، ولهذا قال الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ٢ فذكر آدم وحواء أولًا كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين، وهو كالاستطراد من الشخص إلى الجنس، وهذا الذي ذهب إليه هذا الإمام الحافظ الناقد ابن كثير في تخريج الحديث والآثار هو الذي يجب أن يصار إليه، وهو الذي ندين الله عليه، ولا سيما أن التفسير الحق للآيتين لا يتوقَّف على شيء مما روى.

التفسير الصحيح للآيتين:

والمحققون من المفسرين: منهم من نحا منحى العلامة ابن كثير فجعل الآية الأولى في آدم وحواء وجعل قوله: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا} الآية في المشركين من ذريتهما، أي: جعلا أولادهما شركاء لله فيما أتاهما، والمراد بهم، الجنس، أي: جنس الذَّكَر والأُنْثى، فمن ثم حسن قوله: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُون} بالجمع، ويكون هذا الكلام من الموصول لفظا المفصول معنى، ومنهم من جعل الآيتين في ذرية آدم وحواء، أي: خلقكم من نفس واحدة، وهي نفس الذَّكَر، وجعل منها، أي: من جنسها: زوجها وهي: الأنثى، فلما آتاهما صالحا، أي: بشرا سويا كاملا، جعلا -أي: الزوجان الكافران- لله شركاء فيما آتاهما، وبذلك: أبدلا شكر الله؛ كفرانا به وجحودًا، وعلى هذا: لا يكون لآدم وحواء ذكر ما في الآيتين، وهنالك تفاسير أخرى، لست منها على ثلج، ولا طمأنينة٣.


١ هكذا في النسخة المطبوعة، ولعلها: "وفيه نظر: أي: في كونه من القسم الثالث؛ والذي أقطع به والله أعلم أنه من القسم الثاني؛ لقيام الأدلة العقلية والنقلية على عصمة الأنبياء من مثل ذلك.
٢ تفسير ابن كثير والبغوي: ج ٣ ص ٦١٣، ٦١٤ ط المنار.
٣ انظر تفاسير الكشاف، والقرطبي، وأبي السعود، والآلوسي، وغيرها.

<<  <   >  >>