للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طافت بالبيت أسبوعا بل رووا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعًا، وصلت عند المقام ركعتين"!!

وهذا من تفاهات عبد الرحمن هذا، وقد ثبت عنه من طريق أخرى، نقلها صاحب التهذيب "ج ٦ ص ١٧٩" عن الساجي، عن الربيع، عن الشافعي، قال: "قيل لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك عن جدك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن سفينة نوح طافت بالبيت، وصلت خلف المقام ركعتين؟ "!! قال: نعم، وقد عرف عبد الرحمن بمثل هذه العجائب المخالفة للعقل وتندر به العلماء، قال الشافعي فيما نقل في التهذيب أيضا: "ذكر رجل لمالك حديثا منقطعا، فقال: اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه، عن نوح"!!

وأن لما رست السفينة على الجودي وكان يوم عاشوراء صام نوح، وأمر جميع من معه من الوحش والدواب فصاموا شكرا لله، إلى غير ذلك من التخريفات والأباطيل١ التي لا نزال نسمعها، وأمثالها من العوام والعجائز، وهذا لا يمكن أن يمت إلى الإسلام بصلة، وإنا لننزه المعصوم صلى الله عليه وسلم من أن يصدر عنه ما نسبوه إليه، وإنما هي أحاديث خرافة اختلقها اليهود وأضرابهم على توالي العصور، وكانت شائعة مشهورة في الجاهلية، فلما جاء الإسلام نشرها أهل الكتاب الذين أسلموا بين المسلمين، وهؤلاء رووها بحسن نية، ولم يزيفوها اعتمادا على أنها ظاهرة البطلان، وأوغل زنادقة اليهود وأمثالهم في الكيد للإسلام ونبيه، فزوروا بعضها على النبي صلى الله عليه وسلم وما كنا نحب لابن جرير، ولا للسيوطي، ولا لغيرهما أن يسودوا صحائف كتبهم بهذه الخرافات والأباطيل، فاحذر منها أيها القارئ في أي كتاب من كتب التفسير وجدتها، وألق بها دبر أذنيك، وكن عن الحق منافحًا وللباطل مزيفًا.


١ تفسير ابن جرير الطبري: ج ١٢ من ص ٢١-٢٩، الدر المنثور: ج ٣ من ص ٣٢٧-٣٣٥.

<<  <   >  >>