للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن العجيب حقا: أن الإمام ابن جرير على جلالة قدره يحاول أن يضعف في تفسيره مذهب الخلف الذين ينفون هذا الزور والبهتان، ويفسرون الآيات على حسب ما تقتضيه اللغة، وقواعد الشرع، وما جاء في القرآن والسنة الصحيحة الثابتة، ويعتبر هذا المرويات التي سُقْتُ لك زروًا منها آنفا، هي: قول جميع أهل العلم بتأويل القرآن الذين يؤخذ عنهم١!!! وكذلك تابعه على مقالته تلك الثعلبي والبغوي في تفسيريهما٢!!

وهذا المرويات الغثة المكذوبة التي يأباها النظم الكريم، ويجزم العقل والنقل باستحالتها على الأنبياء عليهم السلام هي التي اعتبرها الطبري ومن تبعه أقوال السلف!!

بل يسير في خط اعتبار هذا المرويات، فيورد على نفسه سؤالا فيقول: فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا وهو لله نبي؟! ثم أجاب بما لا طائل تحته، ولا يليق بمقام الأنبياء٣ قاله الواحدى في تفسيره: "البسيط".

وأعجب من ذلك: ما ذهب إليه الواحدي في: "البسيط" قال: قال المفسرون الموثوق بعلمهم، المرجوع إلى روايتهم، الآخذون للتأويل، عمن شاهدوا التنزيل: هَمَّ يوسف عليه السلام بهذه المرأة هما صحيحا وجلس منها مجلس الرجل من المرأة، فلما رأى البرهان من ربه زالت كل شهوة منه.

وهي غفلة شديدة من هؤلاء الأئمة لا نرضاها، ولولا أني أنزه لساني وقلمي عن الهجر من القول، وأنهم خلطوا في مؤلفاتهم عملا صالحا وآخر سيئا لقسوت عليهم، وحق لي هذا، لكني أسأل الله لي ولهم العفو والمغفرة.

وهذه الأقوال التي أسرف في ذكرها هؤلاء المفسرون: إما إسرائيليات وخرافات وضعها زنادقة أهل الكتاب القدماء، الذي أرادوا بها النيل من الأنبياء والمرسلين، ثم


١ تفسير الطبري: ج ١٢ ص ١١٠.
٢ تفسير البغوي على هامش تفسير ابن كثير: ج ٤ ص ٤٣.
٣ تفسير الطبري: ج ١٢ ص ١٠٩، ١١٠.

<<  <   >  >>