للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} قال جبريل: ولا حين حللت السراويل؟ إلى غير ذلك من المرويات المكذوبة، والإسرائيليات الباطلة، التي خرجها بعض المفسرين الذين كان منهجهم ذكر المرويات وجمع أكبر قدر منها، سواء منها ما صح وما لم يصح، والإخباريون الذين لا تحقيق عندهم للمرويات، وليس أدل على ذلك من أنها لم يخرجها أحد من أهل الكتاب الصحيحة، ولا أصحاب الكتب المعتمدة الذين يرجع إليهم في مثل هذا.

القرآن يرد هذه الأكاذيب:

وقد فات هؤلاء الدساسين الكذابين أن قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْب} ... الآيتين١ ليس من مقالة سيدنا يوسف عليه السلام، وإنما هو من مقالة امرأة العزيز، وهو ما يتفق وسياق الآية، ذلك: أن العزيز لما أرسل رسوله إلى يوسف لإحضاره من السجن قال له: ارجع إلى ربك، فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن فأحضر النسوة، وسألهن، وشهدن ببراءة يوسف، فلم تجد امرأة العزيز بدا من الاعتراف، فقالت: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْب} .... الآيتين١ ليس من مقالة سيدنا يوسف عليه السلام وإنما هو من مقالة امرأة العزيز، وهو ما يتفق وسياق الآية، ذلك أن العزيز لما أرسل رسوله إلى يوسف لإحضاره من السجن قال له: ارجع إلى ربك، فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن فأحضر النسوة، وسألهن، وشهدن ببراءة يوسف، فلم تجد امرأة العزيز بدا من الاعتراف، فقالت: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَق} إلى قوله: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} فكل ذلك من قولها: ولم يكن يوسف حاضرا ثَمَّ؛ بل كان في السجن، فكيف يعقل أن يصدر منه ذلك في مجلس التحقيق الذي عقده العزيز؟.

وقد انتصر لهذا الرأي الذي يوائم السياق والسباق: الإمام ابن تيمية، وألف في ذلك تصنيفا على حدة.

قال الإمام الحافظ المفسر ابن كثير في تفسيره: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْب} :

تقول: إنما اعترفت بهذا على نفسي، ليعلم زوجي أني لم أخنه بالغيب في نفس الأمر، ولا وقع المحذور الأكبر، وإنما راودت هذا الشاب مراودة، فامتنع، فلهذا اعترفت؛ ليعلم أني بريئة، {وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ، وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} تقول المرأة: ولست أبرئ نفسي؛ فإن النفس تتحدث، وتتمنى، ولهذا راودته لأن


١ يوسف: ٥٢، ٥٣.

<<  <   >  >>