للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإليك ما ذكره في هذا الإمام الحافظ، الناقد، البصير ابن كثير في تفسيره، قال بعد أن ذكر من رواه: وأخرجه الترمذي من حديث أبي عوانة، عن قتادة، ثم قال: غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه، وإسناده جيد قوي، ولكن متنه في رفعه نكارة؛ لأن ظاهر الآية: يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه، ولا من نقبه؛ لإحكام بنائه وصلابته وشدته، ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار، أنهم قبل خروجهم يأتونه، فيلحسونه، حتى لا يبقى منه إلا القليل فيقولون: غدا نفتحه، فيأتون من الغد وقد عاد كما كان، فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل، فيقولون كذلك، فيصبحون وهو كما كان، فيلحسونه، ويقولون: غدا نفتحه، ويلهمون أن يقولوا: إن شاء الله، فيصبحون وهو كما فارقوه، فيفتحونه، وهذا متجه، ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب، فإنه كان كثيرًا ما كان يجالسهن ويحدثنه، فحدث به أبو هريرة، فتوهَّم بعض الرواة عنه أنه مرفوع، فرفعه، والله أعلم١.

ومن الإسرائيليات المستنكرة في هذا ما روي: أن يأجوج ومأجوج خلقوا من مني خرج من آدم، فاختلط بالتراب، وزعموا: أن آدم كان نائما فاحتلم، فمن ثم اختلط منيه بالتراب، ومعروف أن الأنبياء لا يحتملون؛ لأن الاحتلام من الشيطان.

قال ابن كثير: وهذا قول غريب جدًّا، لا دليل عليه، لا من عقل ولا من نقل، ولا يجوز الاعتماد ههنا على ما يحكيه بعض أهل الكتاب، لما عندهم من الأحاديث المفتعلة. والله أعلم٢.

والخلاصة:

إن أصحاب الكهف، وذا القرنين، ويأجوج ومأجوج، حقائق ثابتة لا شك، وكيف لا، وقد أخبر بها الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكن الذي ننكره أشد الإنكار هذه الخرافات والأساطير التي حكيت حولهم، وتدسست إلى المرويات الإسلامية، والله ورسوله بريئان منها، وإنما هي من أخبار بني إسرائيل وأكاذيبهم، وتحريفاتهم.


١ تفسير ابن كثير والبغوي ج ٥ ص ٣٣٣.
٢ المصدر السابق.

<<  <   >  >>