للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرزاقهم بيدك، فقال: اللهم أمسك عنهم القطر ثلاث سنين، فأمسك الله عنهم القطر، وأرسل إلى الملك فتاه اليسع، فقال: قل له: إن إلياس يقول لك: إنك اخترت عبادة البعل على عبادة الله. واتبعت هوى امرأتك. فاستعد للعذاب والبلاء، فانطلق اليسع، فبلغ رسالته للملك، فعصمه الله تعالى من شرك الملك، وأمسك الله عنهم القطر، حتى هلكت الماشية والدواب، وجهد الناس جهدا شديدا وخرج إلياس إلى ذروة جبل، فكان الله يأتيه برزق، وفجر له عينا معينا لشرابه وطهوره، حتى أصاب الناس الجهد، فأرسل الملك إلى السبعين، فقال لهم: سلو البعل أن يفرج ما بنا، فأخرجوا أصنامهم، فقربوا لها الذبائح، وعطفوا عليها، وجعلوا يدعون، حتى طال ذلك بهم، فقال لهم الملك: إن إله إلياس كان أسرع إجابة من هؤلاء، فبعثوا في طلب إلياس، فأتى، فقال: أتحبون أن يفرج عنكم؟ قالوا: نعم، قال: فأخرجوا أوثانكم، فدعا إلياس عليه السلام ربه أن يفرج عنه، فارتفعت سحابة مثل الترس١، وهم ينظرون، ثم أرسل الله عليهم المطر، فتابوا ورجعوا.

قال: وأخرج ابن عساكر، عن كعب رضي الله عنه قال: "أربعة أنبياء اليوم أحياء، اثنان في الدنيا: إلياس والخضر، واثنان في السماء: عيسى وإدريس".

قال: وأخرج ابن عساكر، عن وهب رضي الله عنه قال: دعا إلياس عليه السلام ربه، أن يريحه من قومه، فقيل له: انظر يوم كذا وكذا، فإذا رأيت دابة لونها مثل لون النار فاركبها. فجعل يتوقع ذلك اليوم، فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس، لونه كلون النار، حتى وقف بين يديه، فوثب عليه، فانطلق به، فكان آخر العهد به، فكساه الله الريش، وكساه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، فصار في الملائكة عليهم السلام.

قال: وأخرج ابن عساكر، عن الحسن رضي الله عنه قال: إلياس عليه السلام موكل بالفيافي. والخضر عليه السلام بالجبال، وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى٢ وأنهما يجتمعان كل عام بالموسم.


١ ما يلبسه المحارب.
٢ يعني النفخة الأولى في الصور.

<<  <   >  >>