بالريح، حتى يقترب السحاب الموجب، من السحاب السالب قربا كافيا، في اتجاه أفقي، أو في اتجاه رأسي أو فيما شاء الله من الاتجاهات، فإذا اقتربا تجاذبا، ومن شأن اقترابهما هذا أن يزيد في كهربائية مجموع السحاب بالتأثير، ولا يزالان يتجاذبان، ويتقاربان، حتى لا يكون محيص من اختلاطهما واتحاد كهربائيتهما أو من اتحاد كهربائيتهما من بعد، وعندئذٍ تحدث شبه شرارة عظمى كهربائية، هي البرق الذي كثيرا ما يُرى في البلاد الكثيرة الأمطار.
والمطر نتيجة لازمة لحدوث ذلك الاتحاد الكهربائي، سواء حدث في هدوء أو بالإبراق، فإذا حدث بهدوء حدث بين القطيرات المختلفة في السحابتين، فتجذب كل منهما قرينتها أو قريناتها، حتى تتحد، وتكون قطرة فيها ثقل، فتنزل، وتكبر أثناء نزولنا بما تكتسب من كهربائية، وما تجتذب من قطيرات، أثناء اختراقها السحاب المكهرب، الذي يكون بعضه فوق بعض في السحاب الركام، أما إذا حدث الاتحاد الكهربائي، في شدة البرق، وعنقه، فإنه يحدث لا بين القطيرات، ولكن بين الكتل من السحل، ويسهل حدوثه تخلخل الهواء، أي قلة ضغطه في تلك الطبقات.
والبرق: يمثل قوة كهربائية هائلة، تستطيع أن تكوِّن فكرة عنها إذا عرفت أن شرارته قد تبلغ ثلاثة أميال، في طولها أو تزيد، وأن أكبر شرارة كهربائية أحدثها الإنسان لا تزيد عن بضعة أمتار.
فالحرارة الناشئة عن البرق لا شك هائلة، فهي تمدد الهواء بشدة، وتحدث مناطق جوية عظيمة مخلخلة، الضغط داخلها يعادل الضغط خارجها، ما دام الهواء داخل المنطقة ساخنا، حتى إذا تشععت حرارته وبردت تلك المناطق برودة كافية، وما أسرع ما تبرد، خف منها الضغط، وصار أقل كثيرا من ضغط الطبقات الهوائية السحابية المحيطة بها، فهجمت عليها فجأة بحكم الفرق العظيم بين الضغطين وتمددت فيها، وحدث لذلك صوت شديد هو صوت الرعد وهزيمه، هذا الصوت قد يكون له صدى بين كتل السحاب، يتردد، فنسميه قعقعة الرعد، أما صوت الشرارة الكهربائية البرقية، فهو: بدء الرعد، ويكون ضعيفا بالنسبة لهزيمه وقعقعته، لذلك: تسمع الرعد ضعيفا في الأول ثم يزداد، كأنما أوله إيذان بتضخمه، كما قد تؤذن الطلقة الفردة بانطلاق بطاريات.