أما منهجي في هذا الكتاب: فسأقدم للبحث الأصلي بمقدمات أبين فيما معنى التفسير والتأويل ومعنى الإسرائيليات، وما المراد بالموضوعات؟ وما المنهج الذي يجب أن يتبع في تفسير القرآن، والكلام عن التفسير بالمأثور، وأقسامه، والتفسير بالرأي والاجتهاد المقبول منه والمردود ودخول الوضع والإسرائيليات في التفسير بالمأثور، وأسباب ذلك وما وجه إلى هذا النوع من التفسير من نقد، والآثار السيئة التي خلفتها هذه الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير وغيرها.
ثم أعرض لما قام به حفاظ الحديث، وأئمة النقد، والتعديل والتجريح من جهاد مشكور في التنبيه إلى الموضوعات والإسرائيليات في كتب التفسير، ثم أعرض لأشهر كتب التفسير بالمأثور، مبينا بإيجاز قيمة كل كتاب من جهة الرواية، ولأشهر كتب التفسير بالرأي المقبول، من حيث اشتمالها على الموضوعات والإسرائيليات قلة أو كثرة، أو عدم اشتمالها من غير تعرض لما فيها من جوانب كمال أو جوانب نقص أخرى، فليس ذلك من غرضي، ولا مما يتصل بالغرض الذي وضع له الكتاب، إلى غير ذلك مما عرضت له.
وهذه المقدمات أو التمهيدات على طولها لا بد منها، حتى يكون القارئ لهذا الكتاب على بينة من أمر هذه المباحث، التي ستسلمه إلى المقصد الأصلي من الكتاب في غير اقتضاب.
ثم بعد ذلك آخذ فيما قصدت، وهو: الإبانة عن الإسرائيليات والكشف عن الموضوعات في كتب التفسير، سواء منها ما اختص بالتفسير بالمأثور، أو ما جمع فيها بين المأثور وغيره، أو ما غلب عليها التفسير بالرأي والاجتهاد، ومما ينبغي أن يعلم، أن هذه الكتب الأخيرة لا تخلو من التفسير بالمأثور قط، ولا يمكن أن تخلو منه.
وليس من غرضي في هذه الدراسة وهذا البحث أن أتناول الكتب كتابا كتابا، فهذا أمر يطول، ويلزم منه التكرار، أو الإحالة على ما فات.
ولكني سأعرض لهذه الإسرائيليات والموضوعات، وأردها من جهة العقل والنقل.