للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا طيرة، وخيرها الفأل". قالوا: وما الفأل؟ قال: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم" ١.

ما الفرق بين الطيرة وبين الفأل؟ الطيرة سوء ظن بالله عز وجل، وصرف شيء من حقوقه عز وجل لغيره، وتعلق للقلوب بمخلوق لا ينفع ولا يضر. والفأل حسن الظن بالله سبحانه وتعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم "إنما كان يعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به عز وجل، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال" ٢.

٤- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطيرة شرك، الطيرة شرك. وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل" ٣، وزيادة: "وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل"، أي: وما منا إلا وقد وقع في قلبه شيء من ذلك؛ ولكن لما توكلنا على الله في جلب النفع ودفع الضر، أذهبه الله عنا بتوكلنا عليه وحده٤.

ثالثا: حكم الطيرة: الطيرة محرمة شرعا، وهي من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد، لما فيها من سوء الظن بالله، وتعلق القلوب بغيره، وصرف شيء من حقوقه لغيره.

وتنقلب إلى شرك أكبر إذا اعتقد أن هذه الأشياء التي تطير بها فاعلة بنفسها، أو سبب مؤثر في جلب النفع ودفع الضر. وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: "الطيرة شرك".

رابعا: حصول التطير عند بعض المؤمنين، وعلاجه: الطيرة التي في الأفعال والأقوال تكون من بعض المؤمنين؛ فقد يقع في نفس الإنسان شيء من التطير، ولكن الله يذهبه بالتوكل عليه.


١ صحيح البخاري، كتاب الطب، باب الطيرة، وباب الفأل. وصحيح مسلم، كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم.
٢ فتح الباري لابن حجر ١٠/ ٢١٥. وانظر: حياة الحيوان الكبرى للدميري ٢/ ٩٨. وفتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص٤٣٤-٤٣٥. والأسئلة والأجوبة في العقيدة للأطرم ص٦٥.
٣ أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطب، باب في الطيرة، والترمذي في جامعه، كتاب السير، باب ما جاء في الطيرة- وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في سننه، كتاب الطب، باب من كان يعجبه الفأل، ويكره الطيرة. وصححه الألباني "السلسلة الصحيحة رقم ٤٢٩".
٤ انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص٤٤٠.

<<  <   >  >>