للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: العبادة، وأنواعها، وأركانها]

[المطلب الأول: معنى العبادة في اللغة والاصطلاح]

العبادة لغة:

العبادة في اللغة: الذل والخضوع. يقال: عبده: ذلَّله. وعبد الطريق، وعبد البعير.

ويقال: عبد الله عبادة، وعبودية: انقاد له، وخضع، وذل١.

يقول الشاعر طرفة بن العبد في معقلته المشهورة، يصف ناقته:

تباري عتاقا ناجيات وأتبعت ... وظيفا وظيفا فوق مور معبد٢

ومور معبد: أي تراب ممهد مذلل٣.

العبادة اصطلاحا:

والعبادة في الاصطلاح: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة٤.

وهي تتضمن غاية الذل الله تعالى، بغاية المحبة له عز وجل؛ فمن خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابدا له، ولو أحب شيئا ولم يخضع له لم يكن له عابد؛ كما قد يحب ولده وصديقه٥.

فالعبادة -إذًا- تتضمن غاية الحب، مع غاية الذل، كذا عرفها العلامة ابن القيم بقوله:

وعبادة الرحمن غاية حبه ... مع ذل عابده، هما قطبان٦

فهي في مفهومها العام تعني: "التذلل لله محبة وتعظيما، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، على الوجه الذي جاءت به شرائعه"٧.

والله عز وجل أحب إلى عبده المؤمن من كل شيء، وأعظم عنده من كل شيء.


١ انظر: أساس البلاغة للزمخشري ص٤٠٦. والمعجم الوسيط لجماعة من المؤلفين ص٥٧٩.
٢ انظر شرح المعلقات العشر للزوزني ص٩٧.
٣ انظر أساس البلاغة للزمخشري ص٦٠٧.
٤ انظر العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص٢٣.
٥ انظر المصدر نفسه ص٣٣-٣٤.
٦ انظر النونية لابن القيم -بشر الهراس- ١/ ٩٥.
٧ المجموع الثمين من فتاوى فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين ٢/ ٢٥.

<<  <   >  >>