للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: من أنواع الكفر الأكبر الكفر بدعوى علم الغيب]

أولا: تعريفه

هو اعتقاد أن احدا غير الله تعالى يعلم الغيب. وهو كفر لمعارضته لقوله عز وجل:

{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: ٦٥] ، وقوله سبحانه وتعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: ٥٩] .

ثانيا: من الأمثلة عليه

الأمثلة على هذا النوع كثيرة، ويمكن بيان بعضها في المسائل التالية.

المسألة الأولى: السحر

أولا: تعريفه

السحر في اللغة: ما خفي ولطف سببه١. وفي الاصطلاح: عزائم ورقى وعقد وكلام يتكلم به، أو يكتب، أو يعمل شيء يؤثر في القلوب والأبدان والعقول؛ فيمرض، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه٢.

ثانيا: قسما السحر: السحر قسمان ٣

قسم: خيالات ترهب بظاهرها، وتؤثر في القلوب، بيد أنه لا حقيقة لها؛ كسحر سحرة فرعون. قال تعالى عنه: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: من الآية٦٦] .

وقسم: له حقيقة؛ كالذي حدث لر سول الله صلى الله عليه وسلم٣، حين سحره اليهودي لبيد بن أعصم؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء، وما يفعله، حتى أتاه ملكان؛ فقعد أحدهما عند رجليه صلى الله عليه وسلم، والآخر عند رأسه، فأخبراه بصنيع اليهودي، وأنه سحره في مشط ومشاطة؛ جعله في وعاء طلع النخل، ودفنه في بئر ذي أروان، فأخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم٤.


١ انظر: الصحاح للجوهري ٥/ ٦٧٨. والقاموس المحيط للفيروزآبادي ص٥١٩.
٢ انظر المغني لابن قدامة ٨/ ١٥٠.
٣ انظر المجموع الثمين للشيخ ابن عثيمين ٢/ ١٤٣.
٤ انظر الحديث بطوله في صحيح البخاري، كتاب الطب، باب السحر، وباب: هل يستخرج السحر، وفي صحيح مسلم، كتاب السلام، باب السحر.
ملاحظة: هذا الذي وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه انتقاصا لشخصه، بل هو كالأمراض التي كانت تعتريه صلى الله عليه وسلم وإصابته به كإصابته بالسم، لا فرق بينهما. "انظر: زاد المعاد لابن القيم ٤/ ١٢٤".

<<  <   >  >>