للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: التوسل البدعي، والتوسل الشرعي، وأنواعه]

سبب إدخال التوسل في هذا المبحث:

إنما أدخلنا التوسل في الوسائل المنافية للتوحيد أو لكماله، لأن التوسل إلى الله بذات أو جاه أحد مخلوقاته محذور من وجهين: أحدهما أنه أقسم على الله في دعائه بأحد مخلوقاته، ولا يجوز الحلف بغير الله عز وجل كما تقدم١.

والمحذور الثاني أنه اعتقد أن لأحد على الله حقا، وليس للعباد حق على الله إلا ما أوجبه عز وجل على نفسه من نصرة المؤمنين، وإنجاء الموحدين، وإثابة المطيعين، واستجابة دعاء الداعين٢.

معنى التوسل لغة: يقال: وسل فلان يسل إلى الله بالعمل وسلا: رغب وتقرب. ووسل فلان إلى الله، وتوسل وسيلة وتوسيلا: أي عمل عملا تقرب به إليه. وأنا متوسل إليه بكذا، وواسل، ووسلت إليه، وتوسلت إلى الله بالعمل: تقربت٣.

معنى التوسل شرعا:

يعرف التوسل شرعا بأنه: التقرب إلى الله عز وجل بطاعته، وعبادته، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وبكل عمل يحبه ويرضاه٤. أو: عبادة يراد بها التوصل إلى رضوان الله والجنة٥.

من أدلة التوسل الشرعي:

١- قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة} [المائد: ٣٥] ؛ أي تقربوا إلى الله بطاعته، والعمل بما يرضيه٦.

٢- قول الله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: ٥٧] ، والوسيلة: هي القربة٧.


١ انظر ص١٣٣-١٣٤ من هذا الكتاب.
٢ انظر شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز والحنفي ١/ ٢٩٤-٢٩٦.
٣ انظر: أساس البلاغة للزمخشري ص٦٧٥. والقاموس المحيط للفيروزآبادي ص١٣٧٨. ولسان العرب لابن منظور ١١/ ٧٢٤. والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ٥/ ١٨٥. والمعجم الوسيط ص١٠٣٢.
٤ انظر التوصل إلى حقيقة التوسل لمحمد نسيب الرفاعي ص١٢.
٥ انظر مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ٥/ ٢٧٩.
٦ انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٦/ ١٥٩، وتفسير ابن كثير ٢/ ٥٥.
٧ انظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٥٥. وأضواء البيان للشنقيطي ٢/ ٨٦.

<<  <   >  >>