للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو ثبت أن هذه الحادثة وقعت في ليلة بعينها، فلا يجوز تخصيصها، أو تفضيلها على غيرها من الليالي بشيء من العبادات، لعدم ورود الشرع بشيء من ذلك.

ومن فعل شيئا من ذلك فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه. يقول الشيخ علي محفوظ رحمه الله عن ابتداع أصحاب هذا العصر احتفالات ما أنزل الله بها من سلطان: ومنها ليلة المعراج التي شرف الله تعالى هذه الأمة بما شرع لهم فيها، وقد تفنن أهل هذا الزمان بما يأتونه في هذه الليلة من المنكرات، وأحدثوا فيها من أنواع البدع ضروبا كثيرة؛ كالاجتماع في المساجد، وإيقاد الشموع والمصابيح فيها وعلى المنارات، مع الإسراف في ذلك، واجتماعهم للذكر والقراءة، وتلاوة قصة المعراج١.

٢- حادثة المولد النبوي:

لم يستطع العلماء تحديد ليلة بعينها ولد فيها رسولنا صلى الله عليه وسلم، بل ولا شهر بعينه، وبينهم في ذلك خلاف مشهور؛ فمنهم من قال إنه ولد في رجب، ومنهم من قال في رمضان، ومنهم من قال في ربيع الأول. حتى من قالوا إنه صلى الله عليه وسلم ولد في ربيع الأول اختلفوا في تحديد يوم مولده: أهو الثاني، أو الثامن، أو العاشر، أو الثاني عشر، أو السابع عشر، أو الثامن عشر، أو الثاني والعشرين٢.

وأتى العبيديون في القرن الرابع الهجري، فجزموا أن مولده صلى الله عليه وسلم كان في شهر ربيع الأول؛ في الثاني عشر منه، وأحدثوا الاحتفال فيه٣، فخالفوا ما عليه المسلمون طيلة أربعة قرون. على الرغم من عدم وجود ما يرجح قولهم.

والذي أجمع عليه العلماء: أن الأمة الإسلامية أصيبت في هذا الشهر بأعظم مصاب، وهو وفاته صلى الله عليه وسلم، والذي عليه جمهورهم أيضا: أنها كانت في الثاني عشر من هذا الشهر٤.


١ الإبداع في مضار الابتداع لعلي محفوظ ص١٤١.
٢ انظر في ذلك: الطبقات الكبرى لابن سعد ١/ ١٠٠-١٠١. والسيرة النبوية لابن هشام ١/ ١٥٨.
وتاريخ الإسلام للذهبي -قسم السيرة ص٢٥-٢٦-. والبداية والنهاية لابن كثير ٣/ ٣٧٣-٣٨٠.
٣ انظر المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار للمقريزي ١/ ٤٢٣-٤٣٣.
٤ انظر في ذلك: الطبقات الكبرى لابن سعد ٢/ ٢٧٢-٢٧٥. وتاريخ الإسلام للذهبي -قسم السيرة ص٥٦٨-٥٧١-. وفتح الباري لابن حجر ٨/ ١٢٩. ولطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف لابن رجب الحنبلي ص٢١٢.

<<  <   >  >>